للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منسوبٌ إليك، وإلى مَن تُخْبِرُ عنه، فاكتفى بالواحد من الجمعِ لذلك، ولم يَذْهَبِ الوهمُ إلى أنه ليس بمعنى جمعٍ؛ لأن قبلَه جمعًا.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن النفسَ وقَع موقعَ الأسماءِ التي تأتى بلفظِ الواحدِ مؤدّيةً [عن معنى الجميعِ، فتجمَعُ ذلك العرب أحيانًا لمعناه، وتوحِّدُه أحيانًا استغناءً بمعرفتِهم] (١) بمعناه (٢) إذا ذكِر بلفظِ الواحدة أنه (٣) بمعنى الجمعِ، عن الجمعِ.

وأما قولُه: ﴿هَنِيئًا﴾. فإنه مأخوذٌ مِن هَنَأْتُ البعيرَ بالقطِرانِ: وذلك إذا جرِب فعولِج به، كما قال الشاعرُ (٤):

مُتَبَذِّلًا تَبْدُو محاسنُه … يَضَعُ الهِناءَ (٥) مواضعَ النُّقْبِ (٦)

فكأن معنى قولِه: ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾. فكُلُوه دواءً شافيًا. يقالُ منه: هنَأنى الطعامُ ومرَأنى. أي: صار لي دواءً وعلاجًا شافيًا، وهَنِئَنى ومرِئَنى بالكسرِ، وهي قليلةٌ، والذين يَقولون هذا القولَ يقولون: يَهْنَأُنى ويَمْرَأُنى، والذين يَقولون: هنَأنى. يَقولون: يهنِئُنى ويمرِئُنى. فإذا أفرَدوا، قالوا: قد أمرَأنى هذا الطعامُ [ولا يقولون قد: أَهْنَأنى. والمصدرُ منه هَنْأً مَرْأً، وقد مَرُؤ هذا الطعامُ] (٧) مراءةً (٨). ويقالُ:


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) في م: معناه.
(٣) في م: "وأنه".
(٤) البيت لدريد بن الصِّمَّة. وهو في الشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ٣٤٣، والأغاني ١٠/ ٢٢، ولسان العرب (ن ق ب).
(٥) الهِنَاء: القَطِران. تاج العروس (هـ ن أ).
(٦) النُّقْب، والنُّقَب: القطع المتفرقة من الجَرَب، الواحدة نُقبة. تاج العروس (ن ق ب).
(٧) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٨) في م: "إمراء".