للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثَنَا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا هشيمٌ، قال: أَخْبَرَنَا جويبرٌ، عن الضَّحاكِ، قال: النساءُ مِن أسفهِ السفهاءِ (١).

حدَّثَنَا المثنى، قال: ثنا سويدٌ، قال: أَخْبَرَنَا ابن المباركِ، عن أبي عَوانةَ، عن عاصمٍ، عن مُوَرِّقٍ، قال: مَرَّت امرأةٌ بعبدِ اللهِ بن عُمرَ، لها شارةٌ وَهْيئةٌ، فقال لها ابن عمرَ: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ (٢).

والصوابُ مِن القولِ في تأويلِ ذلك عندَى، أن الله عَزَّ ذكرُه عمَّ بقوله: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾. فلم يَخْصُصْ سفيهًا دونَ سفيهٍ، فغيرُ جائزٍ لأحدٍ أن يُؤتىَ سفيهًا مالَه، صبيًا صغيرًا كان أو رجلًا كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى. والسفيهُ الذي لا يجوزُ لوليِّه أن يُؤْتيَه مالَه، هو المُسْتَحِقُّ الحَجْرَ بتَضْيِيعِه مالَه، وفسادِه وإفسادِه، وسوءِ تَدْبيرِه ذلك.

وإنما قلنا ما قلنا مِن أن المعنيَّ بقولِه: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾. هو مَن وَصَفْنا دونَ غيرِه؛ لأن الله عز ذكرُه قال في الآيةِ التي تَتْلُوها: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦]. فأمَر أولياءَ اليَتامَى بدَفْعِ أموالِهم إليهم، إذا بَلَغوا النكاحَ، وأُونِسَ منهم الرُّشْدُ، وقد يَدْخُلُ في اليَتامَى الذكورُ والإناتُ، فلم يَخْصُصْ بالأمرِ بدفعِ ما لهم مِن الأموالِ الذكورَ دونَ الإناثِ، ولا الإناثَ دونَ الذكورِ.

وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن الذين أُمِرَ أولياؤهم بدَفِعِهم أموالَهم إليهم وأُجِيزَ للمسلمين مُبايَعتُهم ومُعامَلتُهم، غيرُ الذين أُمِرَ أولياؤهم بمَنْعِهم أموالَهم وحُظِرَ على المسلمين مُداينتُهم ومُعامَلتُهم.


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٩٠.
(٢) عزاه السيوطي الدر المنثور ٢/ ١٢٠ إلى المصنف.