للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَعِيرًا﴾. قال: قال أبي: إن هذه لأهلِ الشرْكِ حين كانوا لا يُوَرِّثُونهم ويأكُلون أموالَهم (١).

وأمَّا قولُه: ﴿وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾. فإنه مأخوذٌ من الصَّلا، والصَّلا: الاصْطِلاءُ بالنارِ، وذلك التسخُّنُ بها، كما قال الفَرَزْدَقُ (٢):

وقاتَلَ كَلْبُ الحَيِّ عن نارِ أهْلِهِ … ليَرْبضَ فيها والصَّلا مُتَكَنَّفُ

وكما قال العَجَّاجُ (٣):

وَصَالِيَاتٌ (٤) للصَّلا صُلِيُّ

ثم اسْتُعْمِل ذلك في كلِّ مَن باشَر بيدِه أمرًا مِن الأمورِ، مِن حربٍ أو قتالٍ أو خصومةٍ أو غيرِ ذلك، كما قال الشاعرُ (٥):

لم أَكُنْ مِن جُنَاتِها علِم اللَّهُ … وإنِّي بحرِّها اليومَ صالِي

فجعَل ما باشر مِن شدَّةِ الحربِ وأَذَى (٦) القتال بمنزلةِ مباشرةِ أذى النارِ وحرِّها.

واختلفت القَرَأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامَّةُ قَرَأَةِ المدينةِ والعراقِ: ﴿وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾، بفتحِ الياءِ (٧)، على التأويلِ الذي قلناه.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٢٤ إلى المصنف.
(٢) ديوانه ص ٥٦٠.
(٣) ديوانه ص ٣١١.
(٤) في م: "وصاليان"، وفى ت ١، ت ٣: "الصاليات". والصاليات: الأحجار التي يوضع عليها القِدْر.
(٥) هو الحارث بن عباد البكرى، والبيت في مجمع الأمثال ٢/ ١٨٣، والكامل لابن الأثير ١/ ٥٣٦، وخزانة الأدب ١/ ٢٢٦.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أحرى"، وفى م: "إجراء". والمثبت هو الصواب.
(٧) وهى قراءة نافع وابن كثير وحفص عن عاصم وأبي عمرو وحمزة والكسائي. ينظر حجة القراءات ص ١٩١.