للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجاهليةِ لا يُوَرِّثون الجوارىَ ولا الضعفاءَ (١) من الغِلْمانِ، لا يَرِثُ الرجلَ مِن وَلدِه إلا مَن أطاق القتالَ، فمات عبدُ الرحمنِ أخو حسَّانَ الشاعرِ (٢)، وترَك امرأةً يُقالُ لها: أمُّ كُجَّةَ (٣)، وترَك خمسَ أخواتٍ (٤)، فجاءت الورثةُ يأخذون مالَه، فشكَت أمُّ كُجَّةَ (٣) ذلك إلى النبيِّ ، فأنْزَل اللَّهُ هذه الآيةَ: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾. ثم قال في أُمِّ كُجَّةَ: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ﴾ (٥).

حدَّثنا محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾: وذلك أنه لمَّا نزَلت الفرائضُ التي فرَض اللَّهُ فيها ما فرَض للولدِ الذكرِ والأنثى والأبوين، كرِهها الناسُ أو بعضُهم، وقالوا: تُعْطَى المرأةُ الربعَ و (٦) الثمنَ، وتُعْطَى الابنةُ النصفَ، ويُعْطَى الغلامُ الصغيرُ، وليس مِن هؤلاء أحدٌ يُقاتِلُ القومَ، ولا يَحُوزُ الغنيمةَ! اسْكُتوا عن هذا الحديثِ، لعلَّ رسولَ اللَّهِ ينساه، أو نقولُ له فيُغَيِّره. فقال بعضُهم: يا رسولَ اللَّهِ، أَنُعْطِى الجاريةَ نصفَ ما ترَك أبوها وليست تَرْكَبُ الفرسَ ولا تُقاتِلُ القومَ! ونُعْطِى الصبيَّ الميراثَ وليس يُغْنى شيئًا! وكانوا يفعَلون ذلك في الجاهليةِ، لا يُعْطُون الميراثَ إلا مَن قاتَلَ، يُعْطُونه الأكبرَ


(١) في م: "الصغار".
(٢) قال الحافظ في الإصابة ٤/ ٢٩٣ ولم أره لغيره، ولا ذكر أهل النسب لحسان أخا اسمه عبد الرحمن.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كحة". وينظر ما تقدم في ص ٤٣٠.
(٤) في الإصابة: "جوار".
(٥) ذكره الحافظ في الإصابة ٨/ ٢٨٥، ٢٨٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٢٥ إلى المصنف.
(٦) في س والدر المنثور: "أو".