للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرَض - إذا لم يكن لولدِها الميتِ وارثٌ غيرُها وغيرُ والدِه، [ولا أخَ] (١) - الدَّلالةُ الواضحةُ للخلقِ، أن ذلك المفروضَ - و (٢) هو ثُلُثُ مالِ ولدِها الميتِ - حقٌّ لها واجبٌ، حتى يُغَيِّرَ ذلك الفرضَ مَن فرَض لها، فلمَّا غيَّر تعالى ذكرُه ما فرَض لها مِن ذلك مع الإخوةِ الجماعةِ، وترَك تغييرَه مع الأخِ الواحدِ، عُلِم بذلك أن فرضَها غيرُ متغيِّرٍ عما فُرِض لها إلا في الحالِ التي غيَّره فيها مَن لزِم العبادَ طاعتُه، دونَ غيرِها مِن الأحوالِ.

ثم اخْتَلف أهلُ التأويلِ في عددِ الإخوةِ الذين عناهم اللَّهُ تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾؛ فقال جماعةُ أصحابِ رسولِ اللَّهِ ، والتابعين لهم بإحسانٍ، ومَن بعدهم مِن علماءِ أهلِ الإسلامِ، في كلِّ زمانٍ: عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾: اثنين كان الإخوةُ أَو أكثرَ منهما، أُنثَيَيْنِ كانتا، أو كُنَّ إناثًا، أو ذكَرينِ كانا، أو كانوا ذكورًا، أو كان أحدُهما ذكرًا والآخرُ أنثى. واعتلَّ كثيرٌ ممن قال ذلك بأن ذلك قالتْه الأمةُ عن بيانِ اللَّهِ جل ثناؤُه على لسانِ رسولِه ، فنقلته أُمَّة نبيِّه نقلًا مستفيضًا، قطَع العذرَ مجيئُه، ودفَع الشكَّ فيه عن قلوبِ الخلقِ ورودُه.

ورُوى عن ابن عباسٍ أنه كان يقولُ: بل عنَى اللَّهُ جَلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾: جماعةٌ أقلُّها ثلاثةٌ، وكان يُنْكِرُ أن يكونَ اللَّهُ جلَّ ثناؤُه حجَب الأُمَّ عن ثلثِها معَ الأبِ (٣) بأقلَّ من ثلاثةِ إخوةٍ، فكان يقولُ في أبوين وأخوين: للأمِّ الثلثُ، وما بقى فللأبِ. كما قال أهلُ العلمِ في أبوين وأخٍ واحد.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ولائح"، وفى م: "لوائح"، وفى س: "ولائج". والمثبت هو الصواب.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "إلا".