للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾: الأربعُ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾. قال: هذا أمرُ اللهِ عليكم. قال: يُريدُ ما حرَّم عليهم مِن هؤلاءِ، وما أحلَّ لهم. وقرَأ: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ إلى آخِرِ الآيةِ. قال: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾: الذي كتَبه، وأمْرُه الذي أمَرَكم به، ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾: أمرُ اللهِ.

وقد كان بعضُ أهلِ العربيةِ (٢) يَزْعُمُ أن قولَه: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾. منصوبٌ على وجهِ الإغراءِ، بمعنى: عليكم كتابَ اللهِ: الْزَموا كتابَ اللهِ.

والذي قال مِن ذلك غيرُ مستفيضٍ في كلامِ العربِ، وذلك أنها لا تكادُ (٣) تَنْصِبُ بالحرفِ الذي تُغْرِى به، [إذا أخَّرت الإغراءَ وقدَّمت المُغْرَى به] (٤). لا تكادُ تَقولُ: أخاك عليك، وأباك دونَك. وإن كان جائزًا.

والذي هو أَوْلَى بكتابِ اللهِ أن يكونَ محمولًا على المعروفِ مِن لسانِ مَن نزَل بلسانِه، هذا مع ما ذكَرْنَا مِن تأويلِ أهلِ التأويلِ ذلك بمعنَى ما قلناه، وخلافِ ما وجَّهه إليه مَن زعَم أنه نُصِب على وجهِ الإغراءِ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩١٧) عقب الأثر (٥١١٧) من طريق عمرو بن حماد، عن أسباط به.
(٢) نسبه القرطبي في تفسيره (٥/ ١٢٣، ١٢٤) إلى الزجاج والكوفيين. وذكره الفراء في معاني القرآن (١/ ٢٦٠) ولم يذكر قائله.
(٣) سقط من النسخ، والمثبت ما يقتضيه السياق، وليوافق قول المصنف: وإن كان جائزًا.
(٤) تكملة لازمة، وينظر كلام المصنف على الإغراء في (١/ ١١٨)، وينظر تعليق الشيخ شاكر على هذا الموضع.