للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلَفتِ القرأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾؛ فقرأ ذلك بعضُهم: (وأَحَلَّ لَكُمْ). بفتحِ الألفِ مِن (أَحَلَّ) (١). بمعنى: كَتب اللهُ عليكم، وأحَلَّ لكم ما وراءَ ذلكم.

وقرَأه آخَرون: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ (٢). اعتبارًا بقولِه: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ - ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾.

قال أبو جعفرٍ: والذي نقولُ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قَرَأَةِ الإسلامِ، غيرُ مختَلِفَتَى المعنى، فبأَيِّ ذلك قرَأ القارئُ فمصيبٌ الحقَّ.

وأمَّا معنى قولِه: ﴿مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾. فإنه يعنى: ما عدا هؤلاءِ اللواتي حرَّمْتُهن عليكم، ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾. يقولُ: أَن تَطْلُبُوا وتَلْتَمِسوا بأموالِكم؛ إما شراءً بها، وإما نكاحًا بصَداقٍ معلومٍ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾ [البقرة: ٩١]. يعني: بما عداه وبما سواه.

وأمَّا موضعُ: ﴿أَنْ﴾. مِن قولِه: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾. فرفعٌ؛ ترجمةً عن ﴿مَّا﴾ التي في قولِه: ﴿وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾. في قراءةِ مَن قرَأ: ﴿وَأُحِلَّ﴾. بضمِّ الألفِ، ونصبٌ على ذلك في قراءةِ مَن قرَأ ذلك: (وأَحَلَّ). بفتح الألفِ. وقد يَحْتَمِلُ النصبُ في ذلك في القراءتيِن على معنى: وأحلَّ لكم ما وراءَ ذلكم لأن تَبْتَغوا. فلمَّا حُذِفتِ اللَّامُ الخافضةُ اتَّصلت بالفعلِ قبلَها فنُصِبت.


(١) وهى قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبي عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل. السبعة لابن مجاهد ص ٢٣١.
(٢) وهى قراءة حمزة والكسائي، وعاصم في رواية حفص. المصدر السابق، وينظر حجة القراءات ص ١٩٨.