للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعذابُ الذي ذكَره اللهُ في هذا الموضعِ هو الحَدُّ، وذلك النصفُ الذي جعَله اللهُ عذابًا لمَن أتَى بالفاحشةِ مِن الإماءِ إِذَا هُنَّ أُحْصِنَّ، خمسونَ جلدةً، ونَفْىُ ستةِ أشهرٍ، وذلك نصفُ عامٍ؛ لأن الواجبَ على الحُرَّةِ إذا هي أَتَتْ بفاحشةٍ قبلَ الإحصانِ بالزوجِ، جَلْدُ مائةٍ ونَفْىُ حَوْلٍ، فالنصفُ من ذلك خمسون جَلْدةٌ ونَفْىُ نصفِ سنةٍ، وذلك الذي جعَله اللهُ عذابًا للإماءِ المُحْصَنَاتِ إِذَا هُنَّ أَتَينَ بفاحشةٍ.

كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ (١).

حدَّثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾: خمسون جَلْدةً، ولا نَفْىَ، ولا رَجْمَ.

فإن قال قائلٌ: وكيف: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾؟ وهل يكونُ الجَلْدُ على أحدٍ؟

قيل: إن معنى ذلك: فلازمُ أبدانِهنَّ أن تُجْلَدَ نصفَ ما يَلْزَمُ أبدانَ المُحصناتِ، كما يقالُ: عليَّ صلاةُ يومٍ. بمعنى: لازِمٌ عليَّ أن أُصَلِّيَ صلاةَ يومٍ. وعليَّ الحَجُّ والصَّيامُ. مثلَ ذلك. وكذلك: عليه الحَدُّ. بمعنى: لازمٌ له إمكانُ نفسِه من الحدِّ ليُقامَ عليه.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٢٤) (٥١٦٣) من طريق عبد الله بن صالح به.