للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَزْنُونَ﴾ (١) [الفرقان: ٦٨].

حدَّثنى هذا الحديثَ عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ الزُّهْريُّ، فقال: ثنا سفيانُ، قال: ثنا أبو معاويةَ النَّخَعيُّ -وكان على السجنِ- سمِعه مِن أبي عمرٍو، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: سأَلْتُ رسولَ اللهِ ، قلتُ (٢): أيُّ العملِ شرٌّ؟ قال: "أَن تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وهو خلَقك، وأن تَقْتُلَ ولدَك [من أَجْلِ] (٣) أن يَأْكُلَ معك، وأن تَزْنِيَ بجارتِك". وقرَأ عليَّ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ (٤).

قال أبو جعفرٍ: وأولى ما قيل في تأويلِ الكبائرِ بالصحةِ، ما صحَّ به الخبرُ عن رسولِ اللهِ دونَ ما قاله غيرُه، وإن كان كلُّ قائلٍ فيها قولًا مِن الذين ذَكَرنا أقوالَهم، قد اجتهَد وبالَغ فى نفسِه، ولقولِه فى الصحةِ مذهبٌ. فالكبائرُ إذن؛ الشركُ باللهِ، وعُقوقُ الوالِدَيْن، وقتلُ النفسِ المحرَّمِ قتلُها، وقولُ الزُّورِ -وقد يَدْخُلُ فى قولِ الزُّورِ شهادةُ الزورِ- وقذفُ المُحصَنةِ، واليمينُ الغَموسُ، والسِّحرُ- ويَدْخُلُ في قتلِ النفسِ المحرَّمِ قتلُها، قتلُ الرجلِ ولدَه مِن أجلِ أن يَطْعَمَ معه- والفرارُ مِن الزحفِ، والزِّنا بحليلةِ الجارِ.

وإذ (٥) كان ذلك كذلك، صحَّ كلُّ خبرٍ رُوِى عن رسولِ اللهِ في معنى الكبائرِ، وكان بعضُه مصدِّقًا بعضًا؛ وذلك أن الذى رُوِى عن رسولِ اللهِ أنه قال: "هي سبعٌ"، يَكُونُ معنى قولِه حينَئذٍ: "هي سَبْعٌ". على التفصيلِ، ويَكُونُ معنى قولِه في الخبرِ الذى رُوِى عنه أنه قال: "هي الإشراكُ باللهِ، وقتلُ


(١) أخرجه الحميدى (١٠٣)، والبيهقى ٨/ ١٨ من طريق سفيان بن عيينة به.
(٢) في م: "فقلت".
(٣) في م: "خشية".
(٤) أخرجه الطبراني (٩٨١١) من طريق أبي عمرو به.
(٥) في ص، ت ١، س: "إذا".