للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختلافِ المُخْتلِفين فيه، ولوجوبِ حُكْمِها ونَفْيِ النسخِ عنها وَجْهٌ صحيحٌ -إلا بحُجَّةٍ يجبُ التسليمُ لها؛ لِما قد بَيَّنَّا في غير موضعٍ من كُتُبِنا الدلالةَ على صحةِ القولِ بذلك- فالواجبُ أن يكونَ الصحيحُ من القولِ في تأويلِ قولِه: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾. هو ما ذكَرنا من التأويلِ، وهو أن قوله: ﴿عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. من الحِلفِ، وقولَه: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾. مِن النُّصْرةِ والمعونةِ والنصيحةِ والرأيِ، على ما أمَر به مِن ذلك رسولُ اللَّهِ في الأخبارِ التي ذكَرْناها عنه، دونَ قولِ مَن قال: معنى قوله: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾. مِن الميراثِ، وأن ذلك كان حُكْمًا ثم نُسِحَ بقولِه: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾. [ودون] (١) ما سِوى القولِ الذي قلناه في تأويلِ ذلك.

وإذا صَحَّ ما قلنا في ذلك، وَجَب أن تكونَ الآيةُ مُحْكَمةً لا منسوخةً. القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٣٣)﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤُه: فآتُوا الذين عَقَدَتْ أيمانُكم نصيبَهم من النُّصْرةِ والنصيحةِ والرأيِ، فإن اللَّهَ شاهدٌ على ما تفعَلون من ذلك، وعلى غيرِه من أفعالِكم، مُرَاعٍ لكلِّ ذلك حافظٌ، حتى يُجازِيَ جميعَكم على جميعِ ذلك جزاءَه، أما المُحسِنَ منكم المُتَّبِعَ أمرى وطاعتى، فبالحُسْنى، وأما المُسِيءَ منكم المُخالِفَ أمرى ونَهْيِي، فبالسوأى.

ومعنى قولِه: ﴿شَهِيدًا﴾ (٢): ذو شهادةٍ على ذلك.


(١) فى النسخ: "دون". والمثبت هو الصواب.
(٢) بعده فى ت ١، ت ٢، ت ٣: "يعني".