حدَّثني يحيى بنُ أبى طالب، قال: ثنا يزيد، قال: أخبَرنا جُوَييرٌ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾: يكونان عَدْلَين عليهما وشاهِدَين، وذلك إذا تَدَارَأ الرجلُ والمرأةُ وتَنازَعا إلى السلطانِ، جَعَل عليهما حَكَمَين، حَكَمًا من أهلِ الرجلِ وحَكَمًا مِن أهلِ المرأةِ، يكونان أمينَين عليهما جميعًا، ويَنْظُران من أيِّهما يكونُ الفسادُ، فإنْ كان الأمْرُ (١) مِن قِبَلِ المرأةِ، أُجْبِرَت على طاعةِ زوجِها، وأُمر أن يَتَّقِيَ اللَّهَ ويُحْسِنَ صُحْبَتَها، ويُنْفِقَ عليها بقَدْرِ ما آتاه اللَّهُ، إمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ، وإن كانت الإساءةُ من قِبَلِ الرجلِ أُمِر بالإحسانِ إليها، فإن لم يَفْعَلْ، قيل له: أعطِها حَقَّها، وخَلِّ سبيلَها. وإنما يَلِى ذلك منهما السلطانُ.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوالِ بالصوابِ في قولِه: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾. أن اللَّهَ خاطَب المسلمين بذلك، وأمَرهم ببَعْثةِ الحَكَمين عندَ خوفِ السِّقاقِ بينَ الزوجَين، للنظرِ في أمرِهما، ولم يَخْصُصُ بالأمرِ بذلك بعضَهم دونَ بعضٍ.
وقد أجمَع الجميعُ على أن بَعثةَ الحَكَمين في ذلك ليست لغيرِ الزوجَين وغيرِ السلطانِ الذى هو سائسٌ أمْرَ المسلِمين، أو مَن أَقامَه في ذلك مُقامَ نفسِه.
واختَلَفوا في الزوجَين والسلطانِ، ومَن المأمورُ بالبَعْثةِ في ذلك؛ الزَّوْجان، أو السلطانُ، ولا دَلالةَ في الآيةِ تَدُلُّ على أن الأمرَ بذلك مخصوصٌ به أحدُ الزوجَين، ولا أَثَرَ به عن رسولِ اللَّهِ ﷺ، والأمةُ فيه مُخْتلِفةٌ. وإذ كان الأمرُ على ما وَصَفنا، فأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يكونَ مخصوصًا من الآيةِ مَن أجْمع الجميعُ على