للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدًا منهما شيءٌ مِن ذلك.

فإن قال قائلٌ: وما معنى الحَكَمَين إذ كان الأمرُ على ما وَصَفتَ؟

قيل: قد اختُلِف في ذلك؛ فقال بعضُهم: معنى الحَكَم النَّظِرُ العَدْلُ، كما قال الضَّحاكُ بن مُزاحِمٍ في الخبرِ الذي ذكَرناه، الذي حدَّثنا به يحيى بنُ أبي طالبٍ، عن يزيدَ، عن جُوَيبرٍ، عنه: لا، أنتما قاضِيان تَقْضِيان بينَهما. على السبيلِ التي بَيَّنَّا مِن قولِه.

وقال آخرون: معنى ذلك أنهما القاضِيان يَقْضِيان بينَهما ما فَوَّض إليهما (١) الزوجان.

وأيُّ الأمرَين كان، فليس لهما ولا لواحدٍ منهما الحُكْمُ بينَهما بالفُرْقةِ، ولا بأخذِ مالٍ إلا برضا المحكومِ عليه بذلك، وإلا ما لَزِم مِن حَقٍّ لأحدِ الزوجَين على الآخرِ في حُكْمِ اللَّهِ، وذلك ما لَزِم الرجلَ لزوجتِه مِن النفقةِ والإمساكِ بمعروفٍ، إن كان هو الظالمَ لها.

فأما غيرُ ذلك، فليس ذلك لهما ولا لأحدٍ مِن الناسِ غيرِهما، لا السلطانِ، ولا غيرِه، وذلك أن الزوجَ إن كان هو الظالمَ للمرأةِ، فللإمامِ السبيلُ إلى أخْذِه بما يَجِبُ لها عليه من حَقٍّ، وإن كانت المرأةُ هى الظالمةَ زوجَها، الناشِزَ (٢) عليه، فقد أباحَ اللَّهُ له أخْذَ الفِدْية منها، وجَعَل إليه طلاقَها على ما قد بَيَّنَّاه في سورةِ "البقرةِ" (٣).


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إليه".
(٢) في م: "الناشزة".
(٣) ينظر ما تقدم في ٤/ ١٢٥ وما بعدها.