للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خيرِك ونفعِك.

والصوابُ مِن القولِ في تأويلِ ذلك عندى أن معنى: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾: الصاحبُ إلى الجنبِ، كما يقال: فلانٌ بجنبِ فلانٍ وإلى جنبِه. وهو مِن قولِهم: جنَب فلانٌ فلانًا فهو يَجْنُبه جنبًا. إذا كان لجنبِه، ومن ذلك: جنَب الخيلَ: إذا قاد بعضَها إلى جنبِ بعضٍ. وقد يَدْخُلُ في هذا الرفيقُ في السفرِ، والمرأةُ، والمنقطعُ إلى الرجلِ الذى يُلازِمُه رجاءَ نفعِه؛ لأن كلَّهم بجنبِ الذي هو معه، وقريبٌ منه، وقد أوْصَى اللَّهُ تعالى بجميعِهم لوجوبِ حقٍّ الصاحبِ على المصحوبِ.

وقد حدَّثنا سهلُ بنُ موسى الرازيُّ، قال: ثنا ابنُ أَبي فُدَيْكِ، عن فلانِ بنِ عبدِ اللَّهِ، عن الثقةِ عندَه أن رسولَ اللَّه كان معَه رجلٌ مِن أصحابِه، وهما على راحلتينِ، فدخَل النبيُّ في غيضةِ طرفاءٍ (١)، فقطَع قَصيلينِ (٢) أحدُهما مُعْوَجٌّ، والآخرُ معتدِلٌ، فخرَج بهما فأعطى صاحبَه المعتدلَ وأخَذ لنفسِه المعوجَّ، فقال الرجلُ: يا رسولَ اللَّهِ، بأبي أنت وأمى، أنت أحقُّ بالمعتدلِ منى، فقال: "كلَّا، يا فلانُ، إن كلَّ صاحبٍ يَصْحَبُ صاحبًا مسئولٌ عن صحابتِه ولو ساعةً مِن


(١) الطرفاء: شجر، وهى أربعة أصناف، منها الأثل، وقال أبو حنيفة: الطرفاء من العِضاه، وهُدْبُه مثل هُدْب الأثل، وليس له خشب، وإنما يخرج عِصيًّا سمحة في السماء. الواحدة طرفاءة، وطرفة محركة. التاج (ط ر ف).
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فصيلين". وفي س: "فصلين". وفى الدر المنثور: "نصلين".
والقصيل: ما اقتصل من الزرع أخضر -أي قطع- والجمع قصلان. يريد أنه اقتطع عصوين لسَوْق الراحلتين. والله أعلم.
أما النصل وإن كان بعض معانيه متعلقا بالنبات فإنه ليس مما يصلح ههنا ولا مما يقتضيه السياق. وانظر اللسان (ق ص ل، ن ص ل).