للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكانوا سواءً هم والأرضُ.

وقرَأ ذلك آخرون: (لَوْ تَسَوَّى بهمُ الأرضُ). بفتحِ التاءِ وتخفيفِ السيِن، [وهى قراءةُ عامَّةِ قرَأَةِ أهلِ الكوفةِ بالمعنى الأوَّلِ، غيرَ أنهم ترَكوا تشديدَ السينِ] (١)، واعتلُّوا بأن العربَ لا تكادُ تَجْمَعُ بينَ تشديديْنِ في حرفٍ واحدٍ.

وقرَأ ذلك آخرون: ﴿لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ﴾. بمعنى: لو سوَّاهم (٢) اللهُ والأرضَ، فصاروا ترابًا مثلَها بتصييرِه إيَّاهم، كما يَفْعَلُ ذلك بمَن ذكَر أنه يَفْعَلُه به مِن البهائمِ (٣).

وكلُّ هذه القراءاتِ متقارباتُ المعانى (٤)، فبأيِّ ذلك قرَأ القارئُ فمصيبٌ؛ لأن مَن تمنَّى منهم أن يكونَ يومئذٍ ترابًا، إنما يَتَمَنَّى أن يكونَ كذلك بتكوينِ اللهِ إيَّاه كذلك، وكذلك من تمنَّى منهم (٥) أن يكونَ اللهُ جعَله كذلك، فقد تمنَّى أن يكونَ ترابًا. غيرَ (٦) أن الأمرَ وإن كان كذلك، فأعجبُ القراءةِ إليَّ في ذلك: (لَوْ تَسَوَّى بهم الأرضُ). بفتحِ التاءِ وتخفيفِ السينِ؛ كراهيةَ الجمعِ بينَ تشديدينِ في حرفٍ واحدٍ، وللتوفيقِ في المعنى بيَن ذلك، وبيَن قولِه: ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في الأصل: "سوى بهم".
(٣) أما القراءة بتشديد السين والواو وفتح التاء فهى قراءة نافع وابن عامر، وأما القراءة بتخفيف السين وفتح التاء فهي قراءة حمزة والكسائي، وأما القراءة بتخفيف السين وتشديد الواو وضم التاء فهي قراءة ابن كثير وأبى عمرو وعاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٢٣٤، وحجة القراءات ص ٢٠٣، ٢٠٤.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المعنى".
(٥) ليست في: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) في م، ت ٢، ت ٣: "على".