للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، عن رجلٍ، عن المنهالِ بن عمرٍو، عن سعيدِ بن جُبيرٍ، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عباسٍ، فقال: أشياءُ تَخْتَلِفُ عليَّ في القرآنِ. فقال: ما هو؟ أشكٌّ في القرآنِ؟ قال: ليس بالشكِّ، ولكنه اختلافٌ. قال: فهاتِ ما اخْتَلف عليك مِن ذلك. قال: أَسْمَعُ الله يقولُ: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾. وقال: ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾. فقد كتَموا. فقال ابن عباسٍ: أمَّا قولُه: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾. فإنهم لمَّا رَأَوْا يومَ القيامةِ أن الله يَغْفِرُ لأهلِ الإسلامِ ويَغْفِرُ الذنوبَ ولا يَغْفِرُ شَرْكًا، ولا يَتَعاظَمُه ذنبٌ أن يَغْفِرَه - جحَد المشركون، فقالوا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾. رجاءَ أن يَغْفِرَ لهم، فختَم على أفواهِهم وتكلَّمت أيديهم وأرجلُهم بما كانوا يَعْمَلون، فعندَ ذلك: ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ (١).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا جُويبِرٌ (٢)، عن الضحَّاكِ، أن نافعَ بنَ الأزرقِ أتَى ابنَ عباسٍ فقال: يا ابنَ عباسٍ، قولَ اللهِ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾. وقوله: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾؟ فقال له ابن عباسٍ: إني أَحْسَبُك قُمْتَ مِن عندِ أصحابِك، فقلتَ: أُلْقِى على ابن عباسٍ متشابهَ القرآنِ. فإذا رجَعْتَ إليهم، فأخبِرْهم أن الله جامعُ الناسِ يومَ القيامةِ في بَقيعٍ واحدٍ، فيقولُ المشركون:


= ٢/ ٢٧٠ نقلا عن المصنف، وعزاه السيوطي أيضًا في الدر المنثور ٢/ ١٦٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.
(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٦٠.
(٢) في الأصل: "جرير"، وفى ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الزبير". والمثبت من تفسير ابن كثير والدر المنثور. وانظر تهذيب الكمال ١٣/ ٢٩١، ٥/ ١٦٧.