للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني المثنى، قال: ثنا سُوَيْدُ بن نصرٍ، قال: أَخْبَرنا ابن المُباركِ، عن شعبةَ (١)، عن حمادٍ، عن إبراهيمَ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾. قال: لا يَجْتازُ في المسجدِ إلَّا ألا يَجِدَ طريقًا غيرَه.

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا هارونُ، عن ابن مُجاهدٍ، عن أبيه، قال: لا يَمُرُّ الجنُب في المسجدِ يَتَّخِذُه طريقًا.

وأولى القولين بتأويلِ ذلك، تأويلُ من تأوَّله: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾. إلا مُجْتازِى (٢) طريقٍ فيه. وذلك أنه قد بيَّن حكمَ المسافرِ إذا عَدِم الماءَ وهو جُنبٌ في قولِه: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾. فكان معلومًا بذلك أن (٣) قولَه: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾. لو كان مَعْنِيًّا به المسافرُ، لم يَكُن لإعادةِ ذكرِه في قولِه: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾. معنًى مفهومٌ، وقد مضَى ذكرُ حُكْمِه قبلَ ذلك.

وإذ كان ذلك كذلك، فتأويلُ الآيةِ: يا أيُّها الذين آمنوا لا تَقْرَبُوا المساجدَ للصلاةِ مُصَلِّين فيها، وأنتم سكارَى حتى تَعْلَموا ما تَقولون، ولا تَقْرَبوها أيضًا جُنبًا حتى تَغْتَسِلوا، إلا عابرى سبيلٍ.

والعابرُ السبيلَ المُجْتازُه (٤) مَرًّا وقَطْعًا، يقالُ منه: عبَرْتُ الطريقَ، فأنا أَعْبُرُه


(١) في الأصل: "سعيد". وانظر تهذيب الكمال ١١/ ٤٧٩.
(٢) في الأصل: "مجتاز في".
(٣) في الأصل "إلى".
(٤) في الأصل: "المجتاز".