للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَتَيَمَّمُوا﴾. قال: المريضُ الذي لا يَجِدُ أحدًا يَأْتِيه بالماءِ، ولا يَقْدِرُ عليه، وليس له خادِمٌ ولا عَوْنٌ، فإذا لم يَسْتَطِعْ أن يَتَنَاوَلَ الماءَ، وليس عندَه مَن يَأْتِيه به، ولا يَحْبو إليه - تيَمَّم وصلَّى إذا حانَتْه (١) الصلاةُ. قال: هذا كلُّه قولُ أَبِي، إذا كان لا يَسْتَطيعُ أن يَتَناوَلَ الماءَ، وليس عندَه مَن يَأْتيه به، فلا يَتْرُكِ الصلاةَ، [وهو أعْذَرُ] (٢) مِن المسافرِ (٣).

فتأويلُ الآيةِ إذن: وإن كنتم جَرْحَى أو بكم قُروحٌ أو كَسْرٌ أو عِلَّةٌ، لا تَقْدِرون معها على الاغتِسالِ من الجَنابةِ، وأنتم مُقيمون غيرُ مسافرين، فتيمَّموا صَعيدًا طيبًا.

وأما قولُه: ﴿أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾. فإنه يعنى: أو إن كنتم مُسافرين، وأنتم أَصِحَّاءُ جُنُبٌ، فتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طيِّبًا (٤).

وكذلك تأويلُ قولِه: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ يقولُ: وإن (٥) جاء أحدٌ منكم مِن الغائطِ، قد قضَى حاجتَه، وهو مسافرٌ صحيحٌ، فلْيَتَيَمَّمْ صَعيدًا طيبًا أيضًا (٦). والغائطُ: ما اتَّسَع مِن الأوْدِيةِ وتصَوَّب، وجُعِل كِنايةَ عن قَضاءِ حاجةِ الإنسانِ؛ لأن العربَ كانت تَخْتارُ قَضاءَ حاجتِها في الغِيطانِ، فكثُر ذلك منها، حتى غلَب ذلك عليهم، فقيل لكلِّ من قضَى حاجتَه، التي كانت تُقْضَى في الغِيطان حيث قضاها مِن الأرضِ: مُتَغَوِّطٌ. و (٦) جاء فلانٌ مِن الغائطٍ. يعني: قضَى


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "حلت".
(٢) في الأصل: "وهذا أعذر".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٦٦ إلى المصنف.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أو".
(٦) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.