للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تِسْعُ نسوةٍ، ليس هَمَّه إلا النكاحَ، فأيُّ مُلكِ أفضلُ مِن هذا؟ فقال الله جل ثناؤه: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (١).

[حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾] (٢) قال: يعني محمدًا أن يَنكِحَ ما شاء مِن النساءِ (٣).

حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ [أبا مُعاذٍ يقولُ: أخْبرَنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ] (٤) الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾: وذلك أن اليهودَ قالوا: ما شأنُ محمدٍ أُعْطِى النبوةَ كما يَزِعُمُ، وهو جائعٌ عارٍ، وليس له هَمٌ إلا نكاحَ النساءِ؟ فحسَدوه على تزويجِ الأزواجِ، وأحلَّ الله لمحمدٍ أن يَنكِحَ منهن ما شاء أن يَنكِحَ (٥).

وأولى التأويلَين في ذلك بالصوابِ قولُ قتادةَ وابنِ جُرَيجٍ الذي ذكَرناه قبلُ، أن معنى الفَضْلِ في هذا الموضعِ، النُّبُوةُ التي فَضَّل الله بها محمدًا ، وشَرَّف بها العربَ، إذ آتاها رجلًا منهم (٦) دونَ غيرِهم؛ لِما ذكَرنا قبلُ مِن أن دَلالةَ ظاهرِ هذه الآيةِ تَدُلُّ على أنها تَقْرِيظٌ (٧) للنبيِّ وأصحابِه؛ على ما قد بَيَّنَّا قبلُ، وليس النكاحُ وتَزْويجُ النساءِ - وإن كان مِن فَضْلِ اللهِ جلّ ثناؤه الذي آتاه عبادَه -


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٧٨ (٥٤٧٠) عن محمد بن سعد به.
(٢) سقط من: الأصل، س.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٧٩ عقب الأثر (٥٤٧٠) من طريق أسباط به.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٥) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٧٩ عقب الأثر (٥٤٧٠) معلقًا. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٧٣ إلى المصنف.
(٦) في الأصل: "منها".
(٧) في الأصل: "تقريض". وهما بمعنى. ينظر التاج (ق ر ض).