للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السدِّيِّ: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ﴾. قال: بعَث رسولَ اللهِ سريةً عليها خالدُ بنُ الوليدِ، وفيها عمارُ بنُ ياسرٍ، فساروا قِبلَ القومِ الذين يُريدون، فلمّا بلَغوا قريبًا منهم عرَّسوا (١)، وأتاهم ذو (٢) العُيَيْنَتَينِ (٣) فأخبرَهم، فأصبَحوا قد هرَبوا غيرَ رجلٍ أمَر أهلَه فجمَعوا متاعَهم، ثم أقبَل يمشى في (٤) ظلمةِ الليلِ، حتى أتَى عسْكرَ خالدٍ، فسأَل عن عمارِ بن ياسرٍ فأتاه، فقال: يا أبا اليَقْظانِ. إنى قد أسلمتُ، وشهِدتُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا عبدُه ورسولُه، وإن قومى لمّا سمِعوا بكم هرَبوا، وإنى بقِيتُ، فهل إسلامى نافعى غدًا، وإلا هربتُ؟ قال عمار: بل هو يَنْفَعُك، فأقِم. فأقام، فلمّا أصبَحوا أغار خالدٌ، فلم يَجِد أحدًا غيرَ الرجلِ، فأخَذه وأخَذ مالَه، فبلَغ عمارًا الخبرُ، فأتى خالدًا فقال: خلٍّ عن الرجلِ فإنه قد أسلَم، وهو (٥) في أمانٍ منِّى. قال خالدٌ: وفيم أنت تُجيرُ؟ فاستبًا وارْتَفعا إلى النبيِّ ، فأجاز أمانَ عمارٍ ونهاه أن يُجيرَ الثانيةَ على أميرٍ، فاستبّا عندَ رسولِ اللهِ ، فقال خالدٌ: يا رسولَ اللهِ، أَتَتْرُكُ هذا العبدَ الأجدعَ يَسُبُّني؟ فقال رسولُ اللهِ : "يا خالدُ، لا تَسُبَّ عمارًا، فإنه مِن سبَّ عمارًا سبَّه اللهُ، ومَن أَبْغَضَ عمارًا أبْغَضَه اللهُ، ومَن لعَن عمارًا لعَنه اللهُ". فغضِب عمارٌ، فقام، فتبِعه خالدٌ حتى أخَذ بثوبِه فاعتذَر إليه، فرضِى عنه، فأنزَل اللهُ (٦) قوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ


(١) عرس القوم في السفر: نزلوا في آخر الليل للاستراحة، ثم أناخوا وناموا نومة خفيفة، ثم ساروا مع انفجار الصبح سائرين. التاج (ع ر س).
(٢) في م: "ذوا".
(٣) ذو العينين. الجاسوس. اللسان (ع ى ن).
(٤) في الأصل: "إلى".
(٥) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "إنه".
(٦) بعده في الأصل، ص: "يعنى"، وفى ت ١، س: "تعالى يعني".