للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مفضلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾. قال: كان ناسٌ مِن اليهودِ قد أسلَموا ونافَق بعضُهم، وكانت قريظةُ والنضيرُ في الجاهليةِ إذا قُتِل الرجلُ مِن بني النضيرِ؛ قتَلتْه بنو قُرَيظةَ، قتَلوا به منهم، فإذا قُتِل الرجلُ مِن بني قريظة؛ قتَلته النَّضِيرُ، أعطَوْا دِيتَه ستين وَسْقًا (١) مِن تمرٍ، فلما أسلَم ناسٌ مِن بني قُرَيظةَ والنَّضيرِ، قتَل رجلٌ مِن مِن بني النضيرِ رجلًا مِن بنى قريظةَ، فتَحاكَموا إلى النبيِّ ، فقال النَّضَرِيُّ: يا نبيَّ اللهِ، إنا كنا نُعْطِيهم في الجاهليةِ الدِّيَةَ، فنحن نُعْطِيهم اليومَ ذلك. فقالت قُرَيْظَةُ: لا، ولكنا إخوانُكم في النَّسَبِ والدين، ودماؤُنا مثلُ دمائِكم، ولكنكم كنتم تَغْلِبوننا في الجاهليةِ، فقد جاء اللهُ بالإسلامِ. فأنزَلَ اللهُ يُعَيِّرُهم بما فعَلوا، فقال: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥]. [عيَّرهم بما فعَلوا] (٢)، ثم ذكَر قولَ النَّضَريِّ: كنا نُعْطيهم في الجاهليةِ ستين وسْقًا ونَقْتُلُ منهم ولا يَقْتُلُوننا. فقال: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ [المائدة: ٥٠]. فأخذ النَّضريَّ فقتَله بصاحبِه، فتَفاخَرتِ النَّضيرُ وقُريظةُ، فقالت النضيرُ: نحن أكرمُ منكم. وقالت قريظةُ: نحن أكرمُ منكم. ودخَلوا المدينةَ إلى أبي بُرْدَة (٣) الكاهنِ الأسلميِّ، فقال المنافقون (٤) مِن قُرَيظةَ والنَّضيرِ: انْطَلِقوا إلى أبى بُرْدَة (٣) يُنْفِر (٥) بينَنا. وقال المسلمون مِن قُرَيظةَ والنَّضِيرِ: لا، بل النبيُّ يُنْفِرُ بينَنا، فتعالَوا إليه. فأبَى المنافقون،


(١) الوسق ستون صاعا، والصاع: هو خمسة أرطال وثلث. اللسان (و س ق).
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ص: "فعيرهم".
(٣) في م: "أبي برزة". وينظر الإصابة ٦/ ٤٣٤، ٧/ ٣٧، ٣٨.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣ س: و "المنافق".
(٥) نافرت الرجل منافرة: إذا قاضيته. ونفّره وأنفره إذا حكم له بالغلبة. وهو مِن المنافرة، وهي المفاخرة. النهاية ٥/ ٩٣، واللسان (ن ف ر).