للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّبيع: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾، يقولُ: لا تَعْصُوا في الأرضِ، ﴿قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾. قال: فكان فسادُهم على أنفسِهم ذلك معصيةَ اللَّهِ؛ لأن مَن عصَى اللَّهَ في الأرضِ أو أمَر [بمعصيتِه، فقد] (١) أفْسَد في الأرضِ؛ لأن إصلاحَ الأرضِ والسماءِ بالطاعةِ (٢).

وأوْلى التأْويلين بالآيةِ تأويلُ مَن قال: إن قولَ اللَّهِ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ نزَلت في المنافقين الذين كانوا على عهدِ رسولِ الله ، وإن كان معنيًّا بها كلُّ مَن كان بمثلِ صفتِهم (٣) من المنافقين بعدَهم إلى يومِ القيامةِ. وقد يَحْتَمِلُ قولُ سلمانَ عند تلاوةِ هذه الآيةِ: ما جاء هؤلاء بعدُ. أن يكونَ قاله بعدَ فناءِ الذين كانوا بهذه الصفةِ على عهدِ رسولِ اللَّهِ ، خبرًا منه عمَّن هو (٤) جاءٍ منهم بعدَهم ولمَّا يجئْ بعدُ، [لا أنه] (٥) عنَى أنه لم يمضِ ممَّن ذلك (٦) صفتُه أحدٌ.

وإنما قلنا: أَوْلى التأويلين بالآيةِ ما ذكَرنا؛ لإِجماعِ الحُجَّةِ من أهلِ التأويلِ على أن ذلك صفةُ مَن كان بينَ ظهرَانَيْ أصحابِ رسولِ اللَّهِ ، على عهدِ رسولِ اللَّهِ ، من المنافقين، وأن هذه الآياتِ فيهم نزَلت، والتأويلُ المُجْمَعُ عليه أَوْلى بتأويلِ القرآنِ من قولٍ لا دلالةَ على صحَّتِه من أصلٍ ولا نظيرٍ.


(١) في ر: "بمعصية في".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٥ عقب الأثر (١٢٢) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٣) في ص: "وصفهم".
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: "لأنه".
(٦) في م: "هذه".