للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾. يَقُولُ: ولو كنتُم في قصورٍ في السماءِ (١).

واختلَف أهلُ العربيةِ في معنى المُشَيَّدةِ؛ فقال بعضُ أهلِ (٢) البصرةِ منهم: المُشَيَّدةُ: المطوَّلةُ (٣). قال: وأما المَشِيدُ بالتخفيفِ، فإنه المزيَّنُ.

وقال آخرون منهم نحو ذلك القولِ، غيرَ أنه قال: المَشيدُ بالتخفيفِ، المعمُولُ بالشِّيدِ، والشِّيدُ الجِصُّ.

وقال بعضُ أهلِ الكوفةِ: والمشيَّدُ والمَشِيدُ أصلُهما واحدٌ، غيرَ أن ما شُدِّد منه فإنما شُدِّد لتفرُّقِ (٤) الفعلِ فيه في جمعٍ، مثلَ قولِهم: هذه ثيابٌ مُصَبَّغَةٌ (٥). وغنَمٌ مُذبَّحَةٌ، فشدَّد؛ لأنها جمعٌ يُفرَّقُ فيها الفعلُ، فكذلك مِثْلُه "قصورٌ مُشيدةٌ"؛ لأن القصورَ [الكثيرةَ يوجدُ] (٦) فيها التَّشْيِيدُ، ولذلك قيل: ﴿بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾. ومنه قولُه: ﴿وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ﴾ [يوسف: ٢٣]. وكما يُقالُ: كَسَّرتُ العُودَ. إذا جعلتَه قِطَعًا؛ قطعةً بعدَ قطعةٍ. وقد يَجُوزُ في ذلك التخفيفُ.

فإذا أُفْرِد من ذلك الواحدُ، فكان الفعلُ يَتَردُّدُ فيه، ويَكْثُرُ تردُّدُه في جمعٍ منه جاز التشديدُ عندَهم والتخفيفُ، فيقالُ منه: هذا ثوبٌ مُخَرَّقٌ، وجلدٌ مُقَطَّعٌ؛ لتردُّدِ الفعلِ فيه وكثرتِه بالقَطعْ والخَرْقِ. فإن كان الفعلُ لا يَكْثُرُ فيه ولا يَتَرَدَّدُ لم يُجيزُوه إلا بالتخفيفِ، وذلك نحوُ قولِهم: رأيتُ كبشًا مَذْبوحًا. فلا يُجِيزُون فيه


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٠٨ عقب الأثر (٥٦٤١) من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه به.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الطويلة". وينظر مجاز القرآن ١/ ١٣٢.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لنفسه". وفى م، س: "لتردد". وينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٢٧٧.
(٥) في الأصل: "مصنفة".
(٦) في ص، م: "كثيرة تردد".