للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَشَمُّ كَثِيرُ [يُدِيِّ النَّوَالِ] (١) … قليلُ المَثَالِبِ والقَادِحَهْ

قالوا: فظاهرُ هذا القولِ وَصْفُ الممدوحِ بأن فيه المَثالِبَ والمَعايِبَ، ومعلومٌ أن معناه، أنه لا مَثالِبَ فيه ولا مَعايِبَ؛ لأن مَن وَصَف رجلًا بأن فيه مَعايبَ - وإنْ وَصَف الذي فيه مِن (٢) المعايب بالقِلَّةِ (٣) - فإنما ذَمَّه ولم يمدَحْه، ولكنَّ ذلك على ما وَصَفْنَا مِن نَفْي (٤) جميعِ المَعايبِ عنه. قالوا: فكذلك قولُه: ﴿لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. إنما معناه، لاتَّبَعْتُم جميعُكم الشيطانَ.

وأولى هذه الأقوالِ بالصوابِ في ذلك عندى، قولُ مَن قال: عَنَى باستثناءِ القليلِ من الإذاعةِ، وقال: معنى الكلامِ: وإذا جاءهم أمرٌ مِن الأمنِ أو الخوفِ أذاعوا به إلا قليلًا، ولو رَدُّوه إلى الرسولِ.

وإنما قلنا: إنَّ ذلك أولى بالصوابِ؛ لأنه لا يَخْلو القولُ في ذلك مِن أحدِ الأقوالِ التي ذكَرْنا، وغيرُ جائزٍ أن يكونَ مِن قولِه: ﴿لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ﴾؛ لأنَّ مَن تَفَضَّلَ اللهُ عليه بفضلهِ ورحمتِه، فغيرُ جائزٍ أن يكونَ مِن أتْبَاعِ الشيطانِ.

وغيرُ جائزٍ أن نحمِلَ معاني كتابِ اللهِ على غيرِ الأغلبِ المفهومِ بالظاهرِ مِن الخطابِ في كلامِ العربِ، ولنا إلى حَمْلِ ذلك على الأغلبِ من كلامِ العربِ سبيلٌ، فتَوْجِيهُه إلى المعنى الذي وَجَّهَه إليه القائلون: معنى ذلك، لاتَّبَعتم الشيطانَ جميعًا. ثم زعَم أن قولَه: ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾. دليل على الإحاطةِ بالجميعِ. هذا مع


(١) في الأصل، ص: "ندى النوادى" وفى الديوان: "بوادى النوال". وقوله: (يدى) هو جمع يد. ينظر الوسيط (ى د ى).
(٢) سقط من: م.
(٣) في الأصل: "والقلة".
(٤) سقط من: الأصل.