للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْسَبُ (١) أنه يُحسنُ إليها، كما وصَفهم به ربُّنا جلَّ ذكرُه فقال: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. وقال: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ﴾ دونَ المؤمنين المصدِّقين باللَّهِ وبكتابِه وبرسولِه وثوابِه وعقابِه، ﴿وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. وكذلك كان ابنُ عباسٍ يتأوَّلُ هذه الآيةَ.

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، عن بشرِ بنِ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ: يقولُ اللَّهُ ﷿: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ﴾، يقولُ: الجهَّالُ، ﴿وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: ولكن لا يعقِلون (٢).

وأما وجهُ دخولِ الألفِ واللامِ في ﴿السُّفَهَاءُ﴾ فشبيهٌ بوجهِ دخولِهما في ﴿النَّاسُ﴾، في قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾. وقد بيَّنَّا العلَّةَ في دخولِهما هنالك، والعلَّةُ في دخولِهما في ﴿السُّفَهَاءُ﴾ نظيرتُها في دخولِهما في ﴿النَّاسُ﴾ هنالك، سواءٌ.

والدلالةُ التي تدلُّ عليه هذه الآيةُ من خطإِ قولِ مَن زعَم أن العقوبةَ من اللَّهِ - جلّ وعزّ - لا يَسْتَحِقُّها إلا المعاندُ ربَّه، بعدَ (٣) علمِه بصحةِ ما عانَده فيه - نظيرةُ (٤) دلالةِ الآياتِ الأُخَرِ التي قد تقدَّم ذكرُنا تأويلَها في قولِه: ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ ونظائِر (٥) ذلك.


(١) في ر: "يرى".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٦ (١٣١، ١٣٢) من طريق أبي كريب به. وهو تمام الأثر المتقدم في الصفحة السابقة.
(٣) في م: "مع".
(٤) في ت ٢، م: "نظير".
(٥) في م: "نظير".