للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾: وما أذِن الله لمؤمنٍ ولا أباح له أن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا. يقولُ: ما كان ذلك له فيما جعَل له ربُّه وأذِن له فيه من الأشياءِ ألْبتةَ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾. يقولُ: ما كان له ذلك فيما أتاه مِن ربِّه مِن عَهْدِ اللَّهِ الذي عهِد إليه (١).

وأما قولُه: ﴿إِلَّا خَطَأً﴾. فإنه يقولُ جل ثناؤُه: إلا أن المؤمنَ قد يَقْتُلُ المُؤْمنَ خَطأً، وليس ذلك (٢) مما جعَل له ربُّه فأباحه له. وهذا من الاسْتِثْناء الذي تُسَمِّيه أهلُ العربيةِ الاسْتِثْناءَ المُنْقَطِعَ، كما قال جَرِيرُ بنُ عَطِيَّة (٣):

من البيضِ لم تَظْعَنْ بَعيدًا ولم تَطَأ … على الأرضِ إِلا [رَيْطَ بُرْدٍ] (٤) مُرحَّلٍ (٥)

يعنى: ولم تَطَأْ على الأرضِ إلا أن تَطَأَ [ذَيْلَ البُرْدِ] (٦). وليس ذيلُ البُرْدِ مِن الأرض (٧).

ثم أخْبَر جل ثناؤُه عبادَه بحُكْمِ مَن قتل مِن المؤمنين مؤمنًا (٨) خطأً، فقال: ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾. يقولُ: فعليه تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مؤمنةٍ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٩٢ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "له".
(٣) ديوانه ٢/ ٩٤٥.
(٤) في الديوان: "نير مرط".
(٥) في الأصل، ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مرجل"، وفى س: "موحل". والمرحل: ضرب من برود اليمن، سمى مرحلا؛ لأن عليه تصاوير رحلَ اللسان (ر ح ل).
(٦) في الأصل: "ريطة ذيل برد".
(٧) ينظر مجاز القرآن لأبى عبيدة ١/ ٣١٧.
(٨) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.