للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأثابكم بها على طاعتِكم إياه، فالتمسوا ذلك مِن عندِه، ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾. يقولُ: كما كان هذا الذي أَلْقَى إليكم السلمَ، فقلتم (١) له: لستَ مؤمنًا. فقَتَلْتُموه، ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ﴾ أنتم ﴿مِنْ قَبْلُ﴾، يعنى: مِن قبلِ إعزازِ اللهِ دينَه بتُبَّاعِه وأنصارِه، تَسْتَخْفُون بدينِكم كما اسْتَخْفى هذا الذي قتَلتموه وأخَذْتم مالَه، بدينِه من قومِه، أن يُظْهِرَه لهم حذَرًا على نفسِه منهم، وقد قيل: إن معنى قولِه: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾. كنتم كفَّارًا مثلَهم ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾، يقولُ: فتَفَضَّل اللهُ عليكم بإعزازِ دينِه بأنصارِه، وكثرةِ تباعِه، وقد قيل: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ بالتوبةِ من قتلكم هذا الذي قتَلتموه، وأخَذتم مالَه بعدَ ما ألْقَى إليكم السلمَ ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾، يقولُ: فلا تَعْجَلُوا بقتلِ مَن أَرَدْتُم قتلَه ممن (٢) التبس عليكم أمرُ إسلامِه، فلعلَّ الله أن يكونَ قد منَّ عليه من الإسلامِ مثلَ الذي منَّ به عليكم، وهداه (٣) [بمثل الذي هداكم به] (٤) مِن الإيمانِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾. يقولُ: إن الله كان بقتِلكم مَن تَقْتُلُون، وكفِّكم عمَّن تَكُفُّون عن قتِله مِن أعداءِ اللهِ وأعدائِكم، وغيرِ ذلك مِن أمورِكم وأمورِ غيرِكم ﴿خَبِيرًا﴾، يعني: ذا خِبْرٍ (٥) وعلمٍ به، يَحْفَظُه عليكم وعليهم، حتى يُجازِىَ جميعَكم به يومَ القيامةِ جزاءَ (٦) المحسنِ بإحسانِه والمسيءِ بإساءتِه.


(١) في م: "فقلت".
(٢) في الأصل: "من".
(٣) في ص: "هدى".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢: "لمثل الذي هداكم له".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢: "خبرة". والخِبْر والخُبر والخبرة: العلم بالشيء. اللسان (خ ب ر).
(٦) في الأصل، س: "جزاه".