للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخبر أن مَن هاجَر في سبيله يَجِدْ في الأرضِ مُضْطَرَبًا ومُتَّسَعًا. وقد يَدخُلُ في السَّعَةِ السَّعَةُ في الرزقِ والغِنَى مِن الفَقْرِ، ويَدخُل فيه السَّعَةُ مِن ضِيقِ الهَمِّ والكَرْبِ الذي كان فيه أهلُ الإيمان بالله من المشركين بمكةَ، وغيرُ ذلك من معاني السَّعَةِ، التي هي بمعنى الرَّوْحِ والفَرَجِ مِن مَكْرُوهِ ما كَرِهِ اللهُ للمؤمنين [لمُقامِهم بينَ ظَهْرَانَي] (١) المشركين وفى سُلطانهم. ولم يَضَعِ اللهُ دَلالةً على أنه عَنَى بقوله: ﴿وَسَعَةً﴾. بعضَ معاني السَّعَةِ التي وَصَفنا، فكلُّ مَعاني السَّعَةِ التي هي بمعنى الرَّوْحِ والفَرَج مما كانوا فيه من ضيق العيشِ، وغَمِّ جِوارِ أهلِ الشِّرْكِ، وضِيقِ الصَّدْرِ، بتَعَذُّرِ (٢) إظهار الإيمان بالله، وإخلاص توحيده، وفِراقِ الأندادِ والآلهة - داخلٌ في ذلك.

وقد تأوَّل قومٌ من أهل العلم هذه الآيةَ - أعنِى قولَه: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ - أنها [حكمٌ في] (٣) الغازى يَخرُجُ للغزو، فيدْرِكُه الموتُ بعد ما يَخرُجُ مِن (٤) مَنْزله فاصلًا (٥)، فيموتُ، أن له سَهْمَه مِن المَغْنَمِ، وإن لم يكن شَهِد (٦) الوقعة.

كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا يوسفُ بنُ عَدِيٍّ، قال: حدَّثنا ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي (٧) حبيبٍ، أن أهل المدينة يقولون: مَن خَرَج فاصِلًا وَجَب سهمُه. وتأوَّلوا قولَ اللهِ جلّ ثناؤه: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س: "بمقامهم بين ظهري".
(٢) في الأصل: "سعد" هكذا بدون نقط.
(٣) في م: "في حكم".
(٤) في ص، س: "إلى".
(٥) فاصلًا: أي خارجًا عن البلد. الصحاح (ف ص ل).
(٦) في الأصل: "يشهد".
(٧) سقط من: الأصل.