للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدوَّ وقد حانت الصلاةُ: أن تُكَبِّرَ اللَّهَ وتَخفِضَ رأسك إيماءً، راكبًا كنتَ أو ماشيًا (١).

قال أبو جعفرٍ، : وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بتأويل الآية، قولُ من قال: عَنى بالقَصْرِ فيها، القَصْرَ مِن حدودها. وذلك تَرْكُ إتمام ركوعها وسجودها، وإباحةُ أدائها كيف أمكن أداؤها، مُسْتقبل القبلة فيها ومُسْتدبرها، وراكبًا وماشيًا، وذلك في حالِ السَّلَّةِ (٢) والمُسايفة والتحام الحرب، وتزاحُف الصُّفوف، وهى الحال التي قال الله جلَّ ثناؤه فيها: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩]. وأذن بالصلاة المكتوبة فيها راكبًا، إيماءً بالركوع والسجودِ على نحو ما رُوى عن ابن عباسٍ من تأويله في ذلك.

وإنما قُلنا ذلك أولى التأويلات بقوله: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ لدّلالةِ قولِ اللَّهِ تعالى: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾. على أن ذلك كذلك؛ لأن إقامتها إتمامُ حدودها من الركوع والسجودِ وسائرِ فروضِها، دونَ الزيادة في عددها التي لم تكن واجبةً في حال الخوفِ.

فإن ظَنَّ ظانٌّ أن ذلك أمرٌ مِن الله بإتمام عددها الواجب عليه في حال الأمن بعد زوالِ الخوفِ، فقد يجبُ أن يكون المسافرُ في حال قَصْرِه صلاته عن صلاة [المُقِيمِ، غير مُقيمٍ] (٣) صلاته لنَقص عددِ صلاتِه من الأربعِ اللازمةِ


(١) علقه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص ٣٥٢.
(٢ في الأصل: "السلم". وفى م: "الشبكة". والسلة: استلال السيوف. اللسان (س ل ل).
(٣) في الأصل: "المقصر غير المقصر".