للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون بما حدَّثني به المُثَنَّى بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثنا سويدُ بنُ نصرٍ، عن ابنِ المباركِ، عن ابنِ جُريجٍ قراءةً، عن مجاهدٍ: ﴿وَيَمُدُّهُمْ﴾ قال: يَزيدُهم (١).

وكان بعضُ نحوييِّ (٢) البصرةِ يتأوَّلُ ذلك أنه بمعنى: يَمُدُّ لهم. ويزعُمُ أن ذلك نظيرُ قولِ العربِ: الغلامُ يلعَبُ الكِعابَ. [يُراد به: يلعَبُ بالكِعابِ] (٣). قال: وذلك أنهم قد يقولون: قد مدَدْتُ له، وأمْددْتُ له. في غيرِ هذا المعنى، وهو قولُ اللهِ جلَّ وعزَّ: ﴿وَأَمْدَدْنَاهُمْ﴾ [الطور: ٢٢]. وهذا من: أمْدَدناهم. قال: ويقالُ: قد مدَّ البحرُ فهو مادٌّ، وأمَدَّ الجُرْحُ فهو مُمِدٌّ.

وحُكِي عن يونسَ الجَرْميِّ (٤) أنه كان يقولُ: ما كان من الشرَّ فهو: مدَدْتُ، وما كان من الخيرِ فهو: أَمْدَدتُ. ثم قال: وهو كما فسَّرتُ لك، إذا أردتَ أنك ترَكْتَه فهو: مَدَدتُ له، وإذا أردتَ أنك أعْطيتَه قلت: أمْدَدتُ.

وأما بعضُ نحوييِّ الكوفةِ فإنه كان يقولُ: كلُّ زيادةٍ حدَثت في الشيْءِ من نفسِه، فهو: مَدَدتُ، بغيرِ ألفٍ، كما تقولُ: مدَّ النهَرُ، [ومدَّه نهَرٌ] (٥) آخرُ غيرُه. إذا اتَّصل به فصار منه، وكلُّ زيادةٍ حَدَثت في الشيْءِ من غيرِه فهو بألفٍ، كقولِك: أمدَّ الجُرْحُ؛ لأنَّ المِدَّةَ من غيرِ الجُرحِ، وأمْدَدتُ الجيشَ بمَدَدٍ.

وأولى هذه الأقوالِ بالصوابِ في قولِه: ﴿وَيَمُدُّهُمْ﴾. أن يكونَ بمعنى:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٨ (١٤٥) من طريق ابن جريج به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣١ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) بعده في ر: "أهل".
(٣) سقط من: ص.
(٤) ينظر تهذيب اللغة ١٤/ ٨٥.
(٥) في ص: "مده فهو"، وفي ر: "مد نهر".