للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتادةَ بن النعمانِ، قال: كان أهلُ بيتٍ منا (١) يُقالُ لهم: بنو أُبَيرِقٍ؛ بِشَرٌ وبُشَيرٌ ومُبَشِّرٌ، وكان بُشَيرٌ رجلًا، منافقًا، وكان يَقُولُ الشعرَ يَهْجُو به أصحابَ رسولِ اللهِ ، ثم يَنْحُلُه بعضَ (٢) العربِ، ثم يَقُولُ: قال فلانٌ كذا، وقال فلانٌ كذا. فإذا سمِع أصحابُ رسولِ اللهِ ذلك الشعرَ، قالوا: واللهِ ما يَقُولُ هذا الشعرَ إلا هذا الخبيثُ. فقال:

أوَ (٣) كلَّما قال الرجالُ قصيدةً … أضِمُوا (٤) وقالوا ابن الأُبَيرِقِ قالَهَا

قال: وكانوا أهلَ بيتِ فاقةٍ وحاجةٍ في الجاهليةِ والإسلامِ، وكان الناسُ إنما طعامهم بالمدينةِ التمرُ والشعيرُ، وكان الرجلُ إذا كان له يَسَارٌ، فقدِمت ضافِطةٌ (٥) مِن الشامِ بالدَّرْمكِ (٦)، ابتاع الرجلُ منها (٧) فخصَّ به نفسَه، فأما العيالُ فإنما طعامُهم التمرُ والشعيرُ، فقدِمت ضافطةٌ مِن الشامِ، فابتاع عمى عمى رفاعةُ بنُ زِيدٍ حِملًا مِن الدرمكِ، فجعله في مَشْرُبةٍ (٨) له، وفى المَشْرُبةِ سلاحٌ له؛ دِرْعان وسَيْفاهما وما يُصْلِحُهما، فعُدِى عليه مِن تحتِ الليلِ فنُقِبت (٩) المَشْرُبةُ، وأُخِذ الطعامُ والسلاحُ،


(١) في ص، ت ١، س: "منها".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢: "إلى بعض".
(٣) في الأصل، ص، ت ١: "أفى".
(٤) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، س: "نحلت". وأضم الرجل: غضب. وقيل: أضمر حقدًا لا يستطيع أن يمضيه. التاج (أ ض م).
(٥) ضافطة: الضافط والضفاط، الذي يجلب الميرة والمتاع إلى المدن والمكارى الذي يكرى الأحمال، وكانوا يومئذ قومًا من الأنباط يحملون إلى المدينة الدقيق والزيت وغيرهما. النهاية ٣/ ٩٤، ٩٥.
(٦) الدرمك: الدقيق الحوّارى. النهاية ٢/ ١١٤.
(٧) في ص، ت ١، ص: "منا"، وفى م: "منهم".
(٨) المشربة بالضم والفتح: الغرفة. النهاية ٢/ ٤٥٥.
(٩) في الأصل: "فثقبت"، وفي ت ١: "فبقيت".