للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾ الذي هو مطَّلعٌ عليهم، لا يَخْفَى عليه شيءٌ مِن أعمالِهم، وبيَدِه العقابُ والنَّكالُ وتعجيلُ العذابِ، وهو أحقُّ أن يُسْتَحْيا منه مِن غيرِه، وأولى بأن يُعَظَّمَ؛ بأن لا يراهم حيثُ يَكْرَهون أن يَراهم أحدٌ مِن خلقِه، ﴿وَهُوَ مَعَهُمْ﴾، يعنى: واللهُ شاهدُهم، ﴿إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾. يَقُولُ: حين يُسِرُّون (١) ليلًا ما لا يَرْضى اللهُ مِن القولِ فيُغَيِّرونه عن وجهِه، ويَكْذِبون فيه. وقد بيَّنا معنى التَّثبيتِ في [غيرِ هذا الموضعِ (٢)، وأنه كلُّ كلامٍ أو أمرٍ أُصلِح ليلًا. وقد حُكِى عن بعضِ الطائيِّين أن التَّبْيِيتَ في] (٣) لغتِهم التَّبْديلُ، وأنشدَ للأسودِ (٤) بن عامرِ بن جُوَينٍ (٥) الطائيِّ في معاتبةِ رجلٍ:

وبيَّتَّ قَوْلِيَ عبدَ (٦) المليـ … ــكِ قاتَلَك (٧) اللهُ عبدًا كَنودَا (٨)

بمعنى: بدَّلت قولى.

ورُوِى عن أبي رزينٍ أنه كان يَقولُ في معنى قولِه: يُبَيِّتون: يُؤَلِّفون.

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن أبي رَزينٍ: ﴿إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾. قال: يُؤَلِّفون ما لا يَرْضَى مِن القولِ.


(١) في م، ص، ت ١، ت ٢، س: "يسوون".
(٢) انظر ما تقدم في: ٢٤٦، ٢٤٧.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س.
(٤) في ص، ت ٢، س: "الأسود".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، س: "جرير". وانظر الاشتقاق ص ٣٩١، والخزانة ١/ ٥٣، ٥٤.
(٦) في الأصل: "عند".
(٧) في ص، ت ١، س: "فأملك".
(٨) البيت في التبيان ٣/ ٣١٩.