للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: حدثنا أبو عاصمٍ، قال: حدَّثنا عيسى بنُ ميمونٍ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾: آمَنوا ثم كفَروا (١).

حدَّثنا المُثَنَّى، قال: حدَّثنا أبو حُذيفةَ، قال: حدَّثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

قال أبو جعفرٍ: فكأنَّ (٢) الذين قالوا في تأويلِ ذلك: أخَذوا الضلالةَ وترَكوا الهدى. وجَّهوا معنى الشِّراءِ إلى أنه أخْذُ المُشْترِي المُشْتَرَى (٣) مكانَ الثمنِ المشترَى به، فقالوا: كذلك المنافقُ والكافرُ قد أخَذا مكانَ الإيمانِ الكفرَ، فكان ذلك منهما شراءً للكفرِ والضلالةِ اللذين أخَذاهما بتركِهما ما ترَكا من الهدى، وكان الهدى الذي ترَكاه هو (٤) الثمنَ الذي جعَلاه عِوَضًا من الضلالةِ التي أخذاها.

وأما الذين تأوَّلوا أن معنى قولِه: ﴿اشْتَرَوُا﴾: استحبُّوا. فإنهم لما وجَدوا اللهَ جلَّ ثناؤُه قد وصَف الكفارَ في موضعٍ آخرَ، فنسبَهم إلى استحبابِهم الكفرَ على الهدى، فقال: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧]. صرَفوا قولَه: ﴿اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾ إلى ذلك، وقالوا:


= وأثر قتادة أخرجه عبد الرزاق في تفسيره، كما في الدر المنثور ١/ ٣٢ - ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٩ (١٥٢) - عن معمر عن قتادة. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وستأتي بقيته في ص ٣٣٠.
(١) تفسير مجاهد ص ١٩٧، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٥٠ (١٥٤). وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٢ إلى عبد بن حميد.
(٢) في م: "فكان".
(٣) سقط من: ص، م.
(٤) في ر: "من".