للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبراهيمَ، ولن يَدْخُلَ الجنةَ إلا مَن كان يهوديًا. وقالت النصارى مثل ذلك، فقال المسلمون: كتابُنا بعدَ كتابِكم، ونبيُّنا بعد نبيِّكم، وقد أُمِرْتم أن تَتَّبعونا، وتَتْرُكوا أمركم، فنحن خيرٌ منكم، نحن على دين إبراهيم وإسماعيلَ وإسحاق، ولن يَدْخُل الجنة إلا مَن كان على دينِنا، فردَّ اللهُ عليهم قولَهم، فقال: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ ثم فَضَّل الله المؤمنين عليهم، فقال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ (١).

حُدِّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمِعت أبا معاذٍ يَقُولُ: أخبرنا عبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعت الضحاكَ يَقُولُ في قوله: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾: تخاصَم أهلُ الأديان، فقال أهلُ التوراة: كتابُنا أوَّلُ كتابٍ وخيرُها، ونبيُّنا خيرُ الأنبياءِ، وقال أهلُ الإنجيل نحوًا من ذلك. وقال أهلُ الإسلام: لا دينَ إلا الإسلامُ، وكتابُنا نسَخ كلَّ كتابٍ، ونبيُّنا خاتمُ النبيِّين، وأمرنا أن نَعْمَلَ بكتابنا، وتُؤْمِنَ بكتابكم، فقضَى الله بينَهم، فقال: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾. ثم خيَّر بينَ أهلِ الأديانِ، ففَضَّل أهل الفضلِ، فقال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ إلى قوله: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ (٢).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٧٠ (٥٩٨٩) من طريق أحمد بن مفضل به، دون قوله: ثم فضل الله المؤمنين … إلخ.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٢٥ إلى المصنف.