للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك كذلك، كان معلومًا أن ذلك هو الميراثُ الذي فَرَضَه (١) اللهُ لهن في كتابِه.

فأما الذي ذُكِرَ عن محمدِ بن أبى موسى (٢)، فإنه - مع خروجِه مِن قولِ أهلِ التأويلِ - بعيدٌ مما يَدلُّ عليه ظاهرُ التنزيلِ؛ وذلك أنه زعَم أن الذي عَنَى اللَّهُ بقولِه: ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾، هو ﴿وَإِنِ امْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾. وإذا وُجِّهَ الكلامُ إلى المَعْنَى الذي تَأوَّلَه، صار الكلامُ مُبْتَدأً مِن قولِه: ﴿فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ﴾، [ترْجَمَةً بذلك عن قولِه: ﴿فِيهِنَّ﴾، ويَصِيرُ معنى الكلامِ: قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكم فيهن؛ في يَتامى النساءِ اللاتي لا تُؤْتونهن] (٣). ولا دَلالةَ في الآيةِ على ما قالَه، ولا أَثَرَ عمَّن يُعْلَمُ بقولِه صحةُ ذلك، وإذ كان ذلك كذلك، كان وَصْلُ معاني الكلامِ بعضِه ببعضٍ أَوْلَى، ما وُجدَ إليه سَبيلٌ. فإذ كان الأمرُ على ما وَصَفْنا، فقولُه (٤): ﴿فِي يَتَامَى النِّسَاءِ﴾. بأن يكونَ صلةً لقولِه (٥): ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾. أَوْلَى مِن أن يكونَ ترجمةً عن قولِه: ﴿قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾؛ لقُرْبِه مِن قولِه: ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾، وانقطاعِه عن قولِه: ﴿يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾.

وإذ كان ذلك كذلك، فتأويلُ الآيةِ: ويَسْتَفتونك في النساءِ، قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكم فيهن، وفيما يُتْلَى عليكم في كتابِ اللهِ الذي أنْزَلَه [على نبيِّه] (٦) في أمرِ يتامى النساءِ اللاتى لا تُعْطُونهن ما كُتِبَ لهن؛ يعنى: ما فرَض اللهُ لهن مِن الميراثِ عمن وَرِثْنَه.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يوجبه".
(٢) يعنى المصنِّفُ، ، بذلك الأثر الذي ساقه في ص ٥٣٩ بإسناده.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) في الأصل: "بقوله"، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قوله".
(٥) في ص، س: "كقوله".
(٦) زيادة من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.