للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد أَحْصَوها، وقتلوا من قتلوا على شكٍّ منهم في أمرِ عيسى.

وهذا التأويلُ على قولِ مَن قال: لم يفارقِ الحواريُّون عيسى حتى رُفِع ودخَل عليهم اليهودُ.

وأما تأويلُه على قولِ مَن قال: تفرَّقوا عنه من الليلِ. فإنه: ﴿وَإِنَّ (١) الَّذِينَ اخْتَلَفُوا﴾ في عيسى، هل هو الذى بَقِى فى البيتِ منهم بعدَ خروجِ مَن خرَج منهم من العِدَّةِ التي كانت فيه أم لا؟ ﴿لَفِي شَكٍّ مِنْهُ﴾. يعنى: من قتلِه؛ لأنهم كانوا أَحْصَوا من العِدَّةِ حين دخَلوا البيتَ أكثرَ ممن خرَج منه ومَن وُجِد فيه، فشكُّوا في الذي قتَلوه هل هو عيسى أم لا؟ من أجلِ فقدِهم مَن فقَدوا من [العِدَّةِ التى كانوا أحصَوها] (٢)، ولكنهم قالوا: قتلنا عيسى. لمشابهةِ المقتولِ عيسى في الصورةِ. يقولُ اللهُ: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾. يعنى: أنهم قتَلوا مَن قتَلوه على شكٍّ منهم فيه واختلافٍ، هل هو عيسى أم هو غيرُه؟ من غيرِ أن يكونَ لهم بمن قتلوه علمٌ، مَن هو؟ أهو عيسى أم هو غيرُه؟ ﴿إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾. يعنى جلَّ ثناؤُه: ما كان لهم بمَن قتَلوه من علمٍ، ولكنهم اتَّبعوا ظنَّهم، فقتَلوه ظنًّا منهم أنه عيسى، وأنه الذي يريدون قتلَه، ولم يكنْ به. ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾. يقولُ: وما قتَلوا ظنَّهم (٣) الذي اتَّبَعوه في المقتولِ الذى قتَلوه -وهم يحسَبونه عيسى- يقينًا أنه عيسى ولا أنه غيرُه، ولكنهم كانوا منه على ظنٍّ وشبهةٍ.

وهذا كقولِ القائلِ (٤) للرجلِ: ما قتلتُ هذا الأمرَ علمًا. وما قتلتُه يقينًا. إذا


(١) بعده في الأصل: "كان".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "العدد الذى كانوا أحصوه"، وفي س: "العدة الذي كانوا أحصوه".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "هذا".
(٤) فى م: "الرجل".