للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لغيرِ اللهِ به. وذلك أن قولَه: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾. لو كان معناه: إلا الصيدَ. لقيل: إلا ما يُتْلَى عليكم من الصيدِ غيَر مُحِلِّيه. وفى تركِ اللهِ جل ذكرُه وصلَ (١) قوله: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ بما ذكَرتُ، وإظهارِ ذكر الصيدِ فى قولِه: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ﴾. أوضحُ الدليلِ على أن قولَه: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾. خبرٌ (٢) متناهيةٌ قصتُه، وأن معنى قولِه: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ﴾ منفصلٌ منه، وكذلك لو كان قولُه تعالى ذِكرُه: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ﴾ مقصودًا به قصدُ الوَحْشِ، لم يكنْ أيضًا لإعادةِ ذكرِ الصيدِ فى قولِه: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ﴾ وجهٌ، وقد مضَى ذكرُه قبلُ، ولقيل: أُحِلَّت لكم بهيمةُ الأنعامِ إلا ما يُتْلَى عليكم غيرَ مُحِلِّيه وأنتم حُرُمٌ. وفي إظهارِه ذكرَ الصيدِ في قولِه: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ﴾ أبيُن الدلالةِ على صحةِ ما قلنا فى معنى ذلك.

فإن قال قائلٌ: فإن العربَ ربما أَظْهَرت ذكرَ الشيءِ باسمِه، وقد جرَى [ذكرُه باسِمه] (٣) [قبلُ. قيل] (٤): ذلك من فعلِها فى (٥) ضرورةِ شعرٍ، وليس ذلك بالفصيحِ المستعملِ من كلامِهم، وتوجيهُ كلامِ اللهِ جل ثناؤه إلى الأفصحِ من لغاتِ من نزَلَ كلامُه بلغِته أوْلَى ما وُجِد إلى ذلك سبيلٌ من صرفِه إلى غيرِ ذلك.

فمعنى الكلام إذن: يا أيها الذين آمنوا أَوْفُوا بعقودِ اللهِ التى عقَد عليكم فيما (٦) حرَّم وأحلَّ، لا مُحِلِّين الصيدَ فى حرَمِكم؛ ففيما أُحِلَّ لكم من بهيمةِ الأنعامِ المذكَّاةِ دونَ ميتتِها متسَعٌ لكم، ومُسْتغْنىً عن الصيدِ فى حالِ إحرامِكم (٧).


(١) سقط من: الأصل.
(٢) فى الأصل: "غير".
(٣) في الأصل: "بذكره اسمه".
(٤) في ص: "قبل"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قيل".
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مما".
(٧) في الأصل: "حرمكم".