للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين عن البيتِ (١).

حدَّثنا أحمدُ بنُ حازمٍ، قال: ثنا أبو نعيمٍ، قال: ثنا قيسٌ، عن أبي حَصِينٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾. قال: تمامُ الحجِّ ونَفْىُ المشركين عن البيتِ (٢).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يُقالَ: إن الله ﷿ أخبَر نبيَّه والمؤمنين به أنه أكمَل لهم يومَ أنْزَل هذه الآيةَ على نبيِّه دينَهم؛ بإفرادِهم بالبلدِ الحرامِ، وإجلائِه عنه المشركين، حتى حَجَّه المسلمون دونَهم [لا يُخالِطُهم مشركٌ] (٣).

فأما الفرائضُ والأحكامُ فإنه قد اختُلِف فيها؛ هل كانت أُكْمِلت ذلك اليومَ أم لا؟ فرُوِي عن ابن عباسٍ والسدِّيِّ ما ذكَرنا عنهما قبلُ. ورُوِى عن البرَاءِ بن عازبٍ أن آخِرَ آيةٍ نزَلت مِن القرآنِ: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ (٤) [النساء: ١٧٦].

ولا يَدْفَعُ ذو علمٍ أن الوحىَ لم يَنْقَطِعْ عن رسولِ اللهِ إلى أن قُبِض، بل كان الوحيُ قبلَ وفاتِه أكثرَ ما كان تَتَابُعًا. فإذ كان ذلك كذلك، وكان قولُه: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ آخِرَها نزولًا، وكان ذلك مِن الأحكامِ والفرائضِ، كان معلومًا أن معنى قولِه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ على خلافِ الوجهِ الذي تأوَّله مَن تأوَّله أنه عُنِى به كمالُ العباداتِ


(١) تفسير عبد الرزاق (١/ ١٨٤).
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٢٥٨) إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "لا يخالطونهم المشركون".
(٤) تقدم تخريجه في (٧/ ٧١٦).