للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَمَّ (١)، لم يكنْ له صوتٌ مسموعٌ، لم (٢) يكنْ هنالك رعبٌ يُرْعَب به أحدٌ؛ لأنه قد قيل: إن مع كلِّ قطرةٍ من قَطْرِ المطرِ ملَكًا. فلا يَعْدُو الملَكُ الذي اسمُه الرعدُ لو كان مع الصيِّبِ، إذا لم يكنْ مسموعًا صوتُه - أن يكونَ كبعضِ تلك الملائكةِ التي تنزلُ مع القَطْرِ إلى الأرضِ، في ألا رُعبَ على أحدٍ بكونِه فيه. فقد عُلِم - إذ كان الأمرُ كما (٣) وصَفْنا من قولِ ابنِ عباسٍ - أن معنَى الآيةِ: أو كمثَلِ غيْثٍ تحدَّر من السماءِ فيه ظلماتٌ وصوتُ رعدٍ. إن كان الرعدُ هو ما قاله ابنُ عباسٍ، وأنه اسْتَغْنَى بدَلالةِ ذكرِ الرعدِ باسمِه على المرادِ في الكلامِ من ذكرِ صوتِه، وإن كان الرعدُ ما قاله أبو الجلدِ (٤)، فلا شيْءَ في قولِه: ﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ﴾. متروكٌ؛ لأن معنى الكلامِ حينَئذٍ: فيه ظلماتٌ ورعدٌ، الذي هو ما وصَفْنا صفتَه.

وأما البرقُ، فإن أهلَ العلمِ اخْتَلفوا فيه؛ فقال بعضُهم بما حدَّثنا مطرُ بنُ محمدٍ الضبِّيُّ، قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ، وحدَّثنا محمدُ بنُ بشّارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الرحمنِ ابنُ مهديٍّ، وحدَّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ الأهْوازيُّ، قال: حدَّثني أبو أحمدَ الزُّبيريُّ، قالوا جميعًا: حدَّثنا سفيانُ الثوريُّ، عن سَلَمةَ بنِ كُهيلٍ، عن سعيدِ بنِ أشْوعَ، عن ربيعةَ بنِ الأَبْيَضِ، عن عليٍّ، قال: البرقُ مخاريقُ (٥) الملائكةِ (٦).


(١) في م: "يمر".
(٢) في م: "فلم".
(٣) في ص، ر، م: "على ما".
(٤) في م: "الخلد".
(٥) المخاريق، جمع مخراق: وهو في الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا، أراد أنه آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه. النهاية ٢/ ٢٦.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٥٥ (١٩٠)، وأبو الشيخ في العظمة (٧٧١)، والبيهقي ٣/ ٣٦٣ من طريق سفيان به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٤٩، ٥٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق (٥٦٥ - المنتقى) من طريق المسعودي، عن سلمة، عن رجل، عن علي بلفظ: الرعد: ملك، والبرق: مخاريق بأيدي الملائكة. وينظر علل الدارقطني ٣/ ٢٠٠.