للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عُلَيَّةَ، قالا جميعًا: ثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ طَلْحَةَ بن يَزِيدَ بن رُكانةً، عن عُبَيدِ اللَّهِ الخَولانيِّ، عن ابن عباسٍ، قال: قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ: ألَا أَتَوَضَّأُ لكم وضوءَ رسولِ اللَّهِ ؟ قال: قُلنا: نعم. فتَوَضَّأَ، فلمَّا غَسَل وجهَه، ألْقَمَ إبهامَيْه ما أقبَل مِن أُذُنَيْه. قال: ثم لمَّا مَسَح برأسِه، مَسَح أُذُنَيه مِن ظُهورِهما (١).

وأَوْلى الأقوالِ بالصوابِ في ذلك عندَنا قولُ مَن قال: الوجهُ الذي أمَر اللَّهُ جل ذكرُه بغَسْلِه القائمَ إلى صلاتِه، كلُّ ما انحدَر عن مَنابتِ شَعَرِ الرأسِ إِلى مُنْقطَعِ الذَّقَنِ طُولًا، وما بينَ الأُذُنَينِ عَرْضًا، مما هو ظاهرٌ لعينِ الناظرِ، دونَ ما بَطَن مِن الفَمِ والأنفِ والعينِ، ودونَ ما غَطَّاه شَعَرُ اللِّحْيةِ والعارِضَين والشَّارِبَين، فسَتَره عن أبصارِ الناظِرين، ودونَ الأُذُنَين.

وإنما قُلنا: ذلك أَولى بالصوابِ - وإن كان ما تحتَ شَعَرِ اللحيةِ والشَّارِبَين قد كان وَجْهًا يَجِبُ غَسْلُه قبلَ نباتِ الشَّعَرِ الساترِ عن أَعْيُنِ الناظِرِين، على القائمِ إلى صلاتِه - الإجماعِ جميعِهم على أن العينَين مِن الوجهِ، ثم هُمْ مع إجماعِهم على ذلك - مُجْمِعون على أن غَسْلَ ما عَلَاهما مِن أجفانِهما دونَ إيصالِ الماءِ إلى ما تحتَ الأجفانِ منهما، مُجْزِئٌ.

فإذا كان ذلك منهم إجماعًا بتَوقِيفِ (٢) الرسولِ أمتَه على ذلك، فنظيرُ ذلك كلُّ ما عَلاه شيءٌ مِن مواضعِ الوضوءِ مِن جسدِ ابن آدمَ مِن نفسِ خلقِه ساتِرُه، لا يَصِلُ الماءُ إليه إلا بكُلْفةٍ ومَئونةٍ وعلاجٍ، قياسًا لِما ذكَرنا مِن حُكْمِ العَيْنَين في ذلك.


(١) أخرجه ابن خزيمة (١٥٣)، وابن حبان (١٠٨٠) من طريق يعقوب بن إبراهيم به، وأخرجه أحمد ٢/ ٥٩ (٦٢٥)، والبزار (٤٦٤)، وأبو يعلى (٦٠٠)، من طريق ابن علية به، وأخرجه أبو داود (١١٧)، والبزار (٤٦٣)، والطحاوي ١/ ٣٢، والبيهقي ١/ ٥٣، ٥٤ من طريق ابن إسحاق به.
(٢) في ص، ت ١، س: "فوقف".