للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُبَاطةَ قومٍ، فتوَضَّأ ومسَح على قدميه (١).

وما أشْبَهَ ذلك مِن الأخبارِ الدالةِ على أن المسحَ ببعضِ الرجلين في الوُضوءِ مُجْزِئٌ؟

قيل له: أما حديثُ أوسِ بن أبى أوسٍ فإنه لا دَلالة فيه على صحةِ ذلك، إذ لم يَكُن في الخبرِ الذي رُوِى عنه ذكر أنه رأَى النبيَّ يتوَضَّأ بعد حدَثٍ يُوجِبُ عليه الوُضوءَ لصلاتِه، فمسَح على نعْلَيْه أو على قدميِه، وجائزٌ أن يَكونَ مَسْحُه على قدميه الذي ذكَره أوسٌ كان في وضوءٍ توَضَّأه مِن غيرِ حدثٍ كان منه وجَب عليه مِن أجلِه تَجْديدُ وُضوئه؛ لأن الروايةَ عنه أنه كان إذا توَضَّأ لغيرِ حَدَثٍ كذلك يَفْعَلُ.

يَدُلُّ على ذلك ما حدَّثني محمدُ بنُ عُبيد المُحاربيُّ، قال: ثنا أبو مالكٍ الجَنْبيُّ، عن مسلمٍ، عن حَبَّةَ العُرَنيِّ، قال: رأيْتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ شرِب في الرَّحَبةِ قائمًا، ثم توَضَّأ ومسَح على نعْلَيه، وقال: هذا وضوءُ مَن لم يُحْدِثُ، هكذا رأَيْتُ رسولَ اللهِ صنَع (٢).

فقد أنْبَأ هذا الخبرُ عن صحةِ ما قلْنا في معنى حديثِ أَوْسٍ.

فإن قال: فإن حديثَ أوْسٍ وإن كان مُحْتَمِلًا مِن المعنى ما قلت، فإنه مُحْتَمِلٌ أيضًا ما قاله مَن قال: إنه معنيٌّ به المسحُ على النعلين أو القدمين في وضوءٍ توَضَّأه رسولُ اللهِ مِن حدثٍ.

قيل: أحسنُ حالاتِ الخبرِ ما حُمِّل (٣) ما قلتَ، إِن سُلِّم له ما ادَّعَى مِن احتمالِه


(١) أخرجه أبو عبيد في الطهور (٣٨٨)، وفى غريب الحديث ١/ ٢٦٨ وأخرجه أحمد ٢٦/ ٧٧ (١٦١٥٦)، وأبو داود (١٦٠)، والطبراني (٦٠٣)، والحازمي في الاعتبار ص ٤٢، والبيهقى ١/ ٢٨٦ من طريق هشيم به.
(٢) أخرجه أحمد ٢/ ٢٧٤ (٩٧٠)، وابن خزيمة (٢٠٠)، والبيهقى ١/ ٧٥ من طريق عبد خير عن علي.
(٣) في م: "احتمل".