للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ الآية. قال: يهودُ، دخَل عليهم النبيُّ حائطًا، فاسْتَعانهم في مَغْرَمٍ غرِمه، فائْتَمَروا بينَهم بقتلِه، فقام مِن عندِهم، فخرَج مُعْتَرِضًا يَنْظُرُ إليهم خِيفتَهم، ثم دعا أصحابَه رجلًا رجلًا حتى تَتَامُّوا إليه (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن عكرمةَ، قال: بعَث رسولُ اللَّهِ المنذرَ بنَ عمرٍو الأنصاريَّ أحدَ بنى النجارِ، وهو أحدُ النُّقباءِ ليلةَ العقبةِ - فبَعَثه في ثلاثين راكبًا مِن المهاجرين والأنصارِ، فخرَجوا، فلقُوا عامرَ بنَ الطُّفَيلِ بن مالكِ بن جعفرٍ على بئرِ مَعُونةَ، وهى مِن مياهِ بنى عامرٍ، فاقْتَتَلوا، فقُتِل المنذرُ وأصحابُه إلا ثلاثةَ نَفَرٍ كانوا في طلبِ ضالَّةٍ لهم فلم يَرُعْهم إلا والطيرُ تَحُومُ في السماءِ، يَسْقُطُ مِن بين خَراطيمِها عَلَقُ الدمِ (٢)، فقال أحدُ النفرِ: قُتِل أصحابُنا والرحمنِ. ثم تَوَلَّى يَشْتَدُّ حتى لقِى رجلًا، فاخْتَلَفا ضربَتْين، فلمَّا خالَطَتْه الضربةُ، رفَع رأسَه إلى السماءِ ففتَح عينيه، ثم قال: اللَّهُ أكبرُ، الجنةُ وربِّ العالمين. فكان يُدْعَى أَعْنَقَ لِيَمُوتَ (٣)، ورجَع صاحباه، فلقِيا رجلين مِن بنى سُلَيمٍ، وبينَ النبيِّ وبينَ قومِهما مُوَادعةٌ، فانْتَسَبا لهما إلى بنى عامرٍ، فقتَلاهما، وقدِم قومُهما إلى النبيِّ يَطْلُبون الديةَ، فخرَج ومعه أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وطلحةُ وعبد الرحمنِ بنُ عوفٍ، حتى دخَلوا على كعبِ بن الأشرفِ ويهودِ بنى النَّضيرِ، فاسْتَعانهم في عَقْلِهما، قال: فاجْتَمَعَت (٤) اليهودُ لقتلِ رسولِ اللَّهِ وأصحابِه، واعْتَلُّوا بصَنيعةِ الطعامِ، فأتاه جبريلُ بالذي أجمعت (٥) عليه يهودُ مِن الغَدْرِ، فخرَج ثم دعا عليًّا، فقال: "لا تَبْرَحْ مَقامَك، فمَن خرَج عليك


(١) تقدم تخريجه في ص ٢٢٤.
(٢) العلق: قطع الدم، الواحدة: علقة. النهاية ٣/ ٢٩٠.
(٣) أعنق ليموت: أي أن المنية أسرعت به وساقته إلى مصرعه. اللسان (ع ن ق).
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فرجع".
(٥) في م: "اجتمعت".