للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ اللَّهُ تعالى ذكرُه: وقال اللهُ لبنى إسرائيلَ: ﴿إِنِّي مَعَكُمْ﴾. يقولُ: إني ناصرُكم على عدوِّكم وعدوى الذين أمَرْتُكم بقتالِهم إن قاتَلْتُموهم، ووفَّيْتُم بعهدى ومِيثاقى الذي أخَذْتُه عليكم.

وفى الكلامِ محذوفٌ اسْتُغْنى بما ظهَر مِن الكلامِ عما حُذِف منه، وذلك أن معنى الكلامِ: وقال اللَّهُ لهم: إنى معكم. فترَك ذكرَ "لهم"؛ اسْتغناءً بقولِه: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. وإذ كان مُتَقَدِّمُ الخبرِ عن قومٍ مُسَمَّيْن بأعيانِهم، كان معلومًا أن سياقَ ما في الكلامِ مِن الخبرِ عنهم، إذ لم يَكُنِ الكلامُ مصروفًا عنهم إلى غيرِهم.

ثم ابتدأ ربُّنا جلَّ ثناؤُه القسمَ، فقال: قسمًا (١) لئن أَقَمْتُم معشرَ بنى إسرائيلَ الصلاةَ، ﴿وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ﴾. أي (٢): أعْطَيْتُموها مَن أمَرْتُكم بإعطائِها، ﴿وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي﴾. يقول: وصدَّقتُم بما أتاكم به رسلى مِن شرائعِ دينى.

وكان الربيعُ بنُ أنسٍ يقولُ: هذا خطابٌ مِنَ اللَّهِ للنُّقباءِ الاثنَىْ عشَرَ.

حُدِّثْتُ عن عمارِ بن الحسنِ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بن أنسٍ، أن موسى قال للنُّقباءِ الاثنَىْ عشَرَ: سِيروا إليهم - يعنى إلى الجبَّارِين - فحدِّثونى حديثَهم، وما أمْرُهم، ولا تَخافوا، إن اللَّهَ معكم ما أقَمْتُم الصلاةَ وآتيتُم الزكاةَ وآمنتُم برُسُلى وعزّرْتُموهم وأَقْرَضْتُم الله قرضًا حسنًا (٣).


(١) في م: "قسم".
(٢) في ص، ت: "إن".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٧ إلى ابن أبي حاتم.