للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ترجِعوا القَهْقَرَى مرتدِّين ﴿عَلَى أَدْبَارِكُمْ﴾. يعنى: إلى ورائِكم، ولكن امْضُوا قُدُمًا لأمرِ اللهِ الذي أمَركم به من الدخولِ على القومِ الذين أمَركم اللهُ بقتالِهم، والهجومِ عليهم في أرضِهم، وأن الله عزَّ ذكرُه قد كتَبها لكم مسكنًا وقرارًا.

ويعنى بقولِه: ﴿فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾. أي (١): تنصرِفوا خائبين هُلِّكًا (٢).

وقد بيَّنا معنى الخَسَارةِ في غيرِ هذا الموضعِ بشواهدِه المُغْنيةِ عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٣).

فإن قال قائلٌ: وما كان وجهُ قيلِ موسى لقومِه إذ أمَرهم بدخولِ الأرضِ المقدَّسةِ: ﴿وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾. أَوْ يَستوجبُ الخسارةَ من لم يدخُلْ أرضًا جُعِلت له؟

قيل: إن الله عزَّ ذكرُه كان أمَرهم (٤) بقتالِ مَن فيها من أهلِ الكفرِ به، وفرَض عليهم دخولَها، فاسْتَوْجَب القومُ الخسارةَ بتركِهم إذن فرضَ اللهِ عليهم من وجهين؛ أحدُهما، تضييعُ فرضِ الجهادِ الذي كان اللهُ عَزَّ ذِكرُه فرَضه عليهم. والثاني، خلافُهم أمَر اللهِ في تركِهم دخولَ الأرضِ، وقولِهم لنبيِّهم موسى إذ قال لهم: ﴿ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ﴾ -: ﴿وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ﴾.

وكان قتادةُ يقولُ في ذلك بما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾: أُمِروا بها


(١) في ص، م، ت ٢، ت ٣، س: "أنكم".
(٢) في ص، م، ت ٢، ت ٣، س: "هكذا".
(٣) ينظر ما تقدم في ١/ ٤٤٢.
(٤) في م، ت ٢، س: "أمره".