للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما ذُكِّرْتُه من عِظَمِ خَلْقِهم ما حدَّثني به موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ في قصةٍ ذكَرها من أمرِ موسى وبنى إسرائيلَ، قال: ثم أمَرهم بالسيرِ إلى أَرِيحا، وهى أرضُ بيتِ المقدسِ، فساروا حتى إذا كانوا قريبًا منهم بعَث موسى اثنى عشر نقيبًا من جميعِ أسباطِ بني إسرائيلَ، فساروا يَريدون أن يأتوه بخبرِ الجبَّارين، فلَقِيهم رجلٌ من الجبارين يقالُ له: عاجٌ (١). فأخذ الاثنى عشَرَ فجعَلهم في حُجْزتِه، وعلى رأسِه حَمْلةُ حَطَبٍ، وانطَلَق بهم إلى امرأتِه، فقال: انظُرى إلى هؤلاء القوم الذين يزعُمون أنهم يريدون أن يقاتِلونا! فطرَحهم بين يديها، فقال: ألا أطحَنُهم برجلي؟ فقالت امرأتُه: لا، بل خلِّ عنهم حتى يُخْبِروا قومَهم بما رأَوا. ففعَل ذلك (٢).

حدَّثني عبدُ الكريمِ بنُ الهيثمِ، قال: ثنا إبراهيمُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا سفيانُ، قال: قال أبو سعدٍ (٣): قال عكرمةُ، عن ابن عباسٍ، قال: أُمِر موسى أن يدخُلَ مدينةَ الجبَّارين. قال: فسار موسى بمن معه حتى نزَل قريبًا من المدينةِ، وهى أريحا، فبعَث إليهم اثنى عشَرَ عَيْنًا (٤)، من كلِّ سِبْطٍ منهم عينًا؛ ليأتوه بخبرِ القومِ. قال: فدخَلوا المدينةَ فرأَوْا أمرًا عظيمًا من هيئتِهم وجثثِهم وعِظَمِهم، فدخَلوا حائطًا لبعضِهم، فجاء صاحبُ الحائطِ ليجتنىَ الثمارَ من حائطِه، فجعَل يجتنى الثمارَ وينظرُ إلى آثارِهم، فتَتَبَّعَهم، فكلما أصاب واحدًا منهم أخَذه فجعَله في كُمِّه مع الفاكهةِ (٥)، وذهَب إلى ملكِهم فنثَرهم بين يديه، فقال الملكُ: قد رأيتم شأنَنا وأمرَنا، اذهبوا


(١) في م: "عوج".
(٢) تقدم تخريجه في ص ٢٣٧.
(٣) في م: "سعيد".
(٤) في س: "نقيبا".
(٥) في تفسير ابن كثير: "حتى التقط الاثنى عشر كلهم فجعلهم في كمه مع الفاكهة".