للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان. فقال له أبوه: يا بُنَيَّ، إنها لا تَحِلُّ لك. فأبى قابيلُ أن يَقْبَلَ ذلك من قولِ أبيه، فقال له أبوه: يا بُنَيَّ، فقَرِّبْ قربانًا، ويُقَرِّب أخوك هابيلُ قربانًا، فأيُّكما قَبِل اللهُ قُرْبانَه فهو أحقُّ بها. وكان قابيلُ على بَذْرِ الأَرضِ، وكان هابيلُ على رعايةِ الماشيةِ، فقرَّب قابيلُ قمحًا، وقرَّب هابيلُ أبكارًا مِن أبكارِ غنمِه، وبعضُهم يقولُ: قرَّب بقرة. فأَرْسَل الله نارًا بيضاءَ فأَكَلَتْ قربانَ هابيلَ، وتَرَكتْ قربانَ قابيلَ، وبذلك كان يَقْبَلُ القربانَ إذا قَبِلَه (١).

حدَّثني موسى بنَ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ فيما ذَكَر عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عباسٍ، وعن مُرَّةَ، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من أصحابِ النبيِّ : و (٢) كان لا يُولَدُ لآدمَ مولودٌ إِلَّا وُلِد معه جاريةٌ، فكان يُزوِّجُ غلامَ هذا البطنِ جاريةَ هذا البطنِ الآخرِ، ويُزوِّجُ جارية هذا البطنِ غلامَ البطنِ الآخرِ، حتى وُلدِ له ابنان يقالُ لهما: قابيلُ وهابيلُ. وكان قابيلُ صاحبَ زرعٍ، وكان هابيلُ صاحبَ ضَرْعٍ، وكان قابيلُ أكبرَهما، وكان له أختٌ أَحْسَنُ مِن أختِ هابيلَ، وإن هابيلَ طلَب أن ينكِحَ أختَ قابيلَ، فأبى عليه وقال: هي أختى وُلِدتْ معى، وهى أحسنُ مِن أختكِ، وأنا أحقُّ أن أتزوَّجَها. فأمَره أبوه أن يُزوِّجَها هابيلَ، فأبى، وإنهما قرَّبا قربانًا إلى اللهِ، أيُّهما أحقُّ بالجاريةِ، وكان آدمُ يومَئذٍ قد غاب عنهما إلى مكة ينظُرُ إليها، قال اللهُ ﷿ لآدمَ: يا آدمُ، هل تَعْلَمُ أن لي بيتًا في الأرضِ؟ قال: اللهمَّ لا. قال: فإن لى بيتًا بمكةَ فَأْتِهِ. فقال آدمُ للسماءِ: احْفَظى وَلَدِى بالأمانةِ. فأَبَت، وقال للأرضِ، فأَبَت، وقال للجبالِ، فَأَبَت، وقال لقابيلَ، فقال: نعم، تذهَبُ وترجِعُ، وتجدُ أهْلَك كما يَسُرُّك. فلما انطلَق آدمُ قرَّبا قربانًا،


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ١٤٠، ١٤١.
(٢) سقط مِن: م.