للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا أبا سعيدٍ كما كانت لبنى إسرائيل؟ فقال: إى والذي لا إلهَ غيرُه، كما كانت لبني إسرائيلَ، وما جعَل دماءَ بني إسرائيلَ أكْرَمَ على اللهِ مِنْ دمائِنا (١).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا سويدُ بنُ نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سعيدِ بن زيدٍ، قال: سَمِعتُ خالدًا أبا الفضلِ، قال: سَمِعتُ الحسنَ تلا هذه الآية: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ﴾. إلى قوله: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾. ثم قال: عظَّم واللهِ في الوزرِ كما تَسْمَعون، ورغَّب واللهِ في الأجر كما تَسْمَعون، إذا (٢) ظننتَ يا بنَ آدم أنك لو قَتَلْتَ الناسَ جميعًا، فإن لك من عملِك ما تفوزُ به من النارِ، كَذَبَتْك والله نفسُك، وكذَبك الشيطانُ (٣).

حدَّثنا هنَّادُ، قال: ثنا ابن فُضيلٍ، عن عاصمٍ، عن الحسنِ في قوله: ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾. قال: وزرًا، ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾، قال: أجرًا (٤).

وأولى هذه الأقوال عندى بالصوابِ قولُ من قال: تأويلُ ذلك أنه مَن قتَل نفسًا مؤمنةً بغير نفسٍ قَتَلَتْها، فاسْتَحَقَّتِ القوَدَ بها والقتلَ قِصاصًا، أو بغيرِ فسادٍ في الأرض بحربِ اللهِ ورسولِه وحربِ المؤمنين فيها، فكأنما قتَل الناسَ جميعًا فيما اسْتَوْجَبَ مِن عظيم العقوبةِ مِن الله جلَّ ثناؤُه، كما أَوْعَدَه ذلك مِن فِعْلِه رَبُّه بقوله: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٣٥٩، ٣٦٠ من طريق سلام به مختصرا. وينظر تفسير ابن كثير ٣/ ٨٧.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إذ".
(٣) ينظر التبيان ٣/ ٥٠١.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.