للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشعبيِّ أن حارثةَ بنُ بدرٍ حارب في عهدِ عليٍّ بنُ أبي طالبٍ، فأتَى الحسنَ بنُ عليٍّ رضوانُ اللهِ عليهما، فطَلَب إليه أن يَسْتَأْمِنَ له من عليٍّ، فأَبَى، ثم أَتَى ابن (١) جعفرٍ، فأبَى عليه، فأتَى سعيدَ بنُ قيسٍ الهمْدَاني فأَمَّنَه، وضمَّه إليه، وقال له: اسْتَأْمِنْ إِلَى أَميرِ المؤمنين عليّ بنِ أبى طالبٍ (٢). قال: فلمَّا صلَّى عليٌّ الغَداةَ، أتاه سعيدُ بنُ قيسٍ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، ما جزاءُ الذين يُحاربون الله ورسولَه؟ قال: ﴿أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾. قال: ثم قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾. فقال سعيدٌ: وإن كان حارثةَ بنُ بدرٍ؟ قال: وإن كان حارثةَ بنُ بدرٍ. قال: فهذا حارثةُ بنُ بَدرٍ قد جاء تائبًا، فهو آمِنٌ؟ قال: نعم. قال: فجاء به فبايعَه، وقَبِل ذلك منه، وكتَب له أمانًا (٣).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مَغْراءَ، عن مجالدٍ، عن الشعبيِّ، قال: كان حارثةُ بنُ بدرٍ قد أَفْسَد في الأرضِ وحارب ثم تاب، وكُلِّم له عليٌّ فلم يُؤَمِّنه، فأتى سعيدَ بنُ قيسٍ فكلَّمه، فانْطَلَق سعيدُ بنُ قيسٍ إلى عليٍّ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، ما تقولُ في من حارب الله ورسولَه؟ فقرأ الآية كلَّها. فقال: أرأيتَ مَن تاب مِن قبلِ أن تَقْدِرَ عليه؟ قال: أقولُ كما قال اللهُ. قال: فإنه حارثةُ بنُ بدرٍ. قال: فأَمَّنه عليٌّ. فقال حارثةُ (٤):


(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س: "أبى" وهو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
(٢) اسْتَأْمَنَ إليه: استجاره وطلب حمايته. الوسيط (أ م ن).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ٢٨١، ٢٨٢، وابن أبي الدنيا في الإشراف في منازل الأشراف (٤٠٩)، وابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٣/ ٩٥ - وابن عساكر في تاريخ دمشق ١١/ ٣٨٩، ٣٩٠ من طريق مجالد به نحوه، وقد صُرِّحَ باسم ابن جعفر في رواية أخرى عند ابن أبي شيبة ٨/ ٧٠٨، ٧٠٩ عن أبي أسامة، عن مجالد به مختصرًا جدًّا: وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٩ إلى عبد بن حميد. وقد تحرف إسناد الأثر في تاريخ ابن عساكر.
(٤) البيتان في مصادر التخريج السابقة باختلاف يسير في اللفظ.