للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشَريعتِه، يقولُ له تعالى ذكرُه: احْكُمْ يا محمدُ بينَ أهلِ الكتابِ والمشركين بما أُنزِل إليك مِن كتابي وأحكامي، في كلِّ ما احتَكَموا فيه إليك مِن الحدودِ والجُرُوحِ، والقَوَدِ والنفوسِ، فارْجُم الزانيَ المُحْصَنَ، واقْتُل النفسَ القاتلةَ بالنفسِ المقتولةِ ظلمًا وافْقَأَ العينَ بالعينِ، واجْدَعِ الأنفَ بالأنفِ، فإنى أنْزَلْتُ إِليك القرآنَ مُصَدِّقًا في ذلك ما بينَ يديه مِن الكُتُبِ، ومُهَيْمِنًا عليه، رَقِيبًا يَقْضِى على ما قبلَه مِن سائرِ الكتبِ قبلَه، ولا تَتَّبِعْ أهواءَ هؤلاء اليهودِ الذين يقولون: إن أُوتِيتُم الجلدَ في الزاني المُحْصَنِ دونَ الرجْمِ، وقتلَ الوَضيعِ بالشَّريفِ إذا قتَله، وتركَ قتلِ الشريفِ بالوَضيعِ إذا قتَله فخُذُوه، وإن لم تُؤْتَؤه فاحْذَروا - عن الذي جاءَك مِن عندِ اللَّهِ مِن الحقِّ، وهو كتابُ اللَّهِ الذي أَنْزَلَه إليك. يقولُ له: اعْمَلْ بكتابى الذي أَنْزَلْتُه إليك إذا احْتَكَموا إليك فاخْتَرتَ (١) الحكمَ عليهم، ولا تَتْرُكَنَّ العملَ بذلك اتِّباعًا منك أهواءَهم، وإيثارًا لها على الحقِّ الذي أنْزَلْتُه إليك في كتابى.

كما حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾. يقولُ: بحدودِ اللَّهِ، ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾ (٢).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا هارونُ، عن عَنْبَسةَ، عن جابرٍ، عن عامرٍ، عن مَسْروقٍ أنه كان يُحلِّفُ اليهوديَّ والنصرانيَّ باللَّهِ. ثم قرَأ: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾، وأَنْزَل اللَّهُ أَلَّا يُشْرِكُوا به شيئًا (٣).


(١) في م: "فاختر".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٥١ (٦٤٨٠) مِن طريق عبد الله بن صالح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٠ إلى ابن المنذر.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠٢٣٧، ١٥٥٤٤) مِن طريق جابر به. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (٧٥٦ - تفسير)، وابن أبي شيبة ٦/ ٩٩ من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن مسروق بنحوه.