للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ مثلَه.

حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ إلى قوله: ﴿نَادِمِينَ﴾: أُناسٌ مِن المنافِقِين كانوا يُوَادُّون اليهودَ ويُناصِحونهم دونَ المؤمنين (١).

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾. قال: شَكٌّ، ﴿يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾. والدائرةُ ظهورُ المشركين عليهم (٢).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أن يُقالَ: إن ذلك من اللَّهِ تعالى ذكرُه خبرٌ عن ناسٍ من المنافقين كانوا يُوالُون اليهودَ والنصارى، ويَغُشُّون المؤمنين، ويقولون: نَخْشَى أَن تَدورَ دَوائرُ - إما لليهودِ والنصارى، وإما لأهلِ الشركِ مِن عَبَدةِ الأوثانِ أو غيرِهم - على أهلِ الإسلام، أو تَنْزِلَ بهؤلاء المنافقين نازلةٌ، فيَكونَ بنا إليهم حاجةٌ. وقد يَجوزُ أن يَكونَ ذلك كان مِن قولِ عبدِ اللَّهِ بن أُبَيٍّ، ويَجوزُ أَن يَكُونَ كان مِن قولِ غيرِه، غيرَ أنه لا شَكّ أنه مِن قولِ المنافقين.

فتأويلُ الكلامِ إذن: فتَرَى يا محمدُ الذين في قلوبِهم شكٌّ ومرضُ إيمانٍ بنبوتِك، وتصديقِ ما جئْتَهم به مِن عندِ ربِّك، ﴿يُسَارِعُونَ فِيهِمْ﴾. يعنى: في اليهودِ والنصارى. ويعنى بُمسارعتهم فيهم، مُسارعَتَهم في مُوالاتِهم ومُصانَعتِهم، ﴿يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾. يقولُ هؤلاء المنافقون: إنما نُسارِعُ في مُوالَاةِ


(١) عزاه السيوطي في في الدر المنثور ٢/ ٢٩٢ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٥٧، ١١٥٨ (٦٥١٧، ٦٥٢٣) من طريق أحمد بن مفضل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٢ إلى أبى الشيخ.