للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يَزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾: أنْزَل اللَّهُ هذه الآيةَ وقد علِم أن سيَرْتَدُّ مُرْتَدُّون من الناسِ، فلما قبَض اللَّهُ نبيَّه محمدًا ، ارْتَدَّ عامَّةُ العربِ عن الإسلامِ، إلا ثلاثةَ مَساجدَ؛ أهلُ المدينةِ، وأهلُ مكةَ، وأهلُ البَحْرَيْنِ مِن عبدِ القيسِ. قالوا: نُصَلِّي ولا نُزَكِّي، واللَّهِ لا تُغْصَبُ أموالُنا. فكُلِّم أبو بكرٍ في ذلك فقيل له: إنهم لو قد فُقِّهوا لهذا، أعْطَوْها - [أو أدَّوها] (١) - فقال: لا واللَّهِ، لا أُفَرِّقُ بينَ شيءٍ جمَع اللَّهُ بينَه، ولو منَعوا عِقالًا مما فرَض اللَّهُ ورسولُه لقاتَلْناهم عليه. فبعَث اللَّهُ عِصابةً مع أبى بكرٍ، فقاتَل على ما قاتَل عليه نبيُّ اللَّهِ ، حتى سبَى وقتَل وحرَّق بالنيرانِ أُناسًا ارْتَدُّوا عن الإسلامِ ومنَعوا الزكاةَ، فقاتَلَهم حتى أقَرُّوا بالماعونِ، وهى الزكاةُ، صَغَرَةً أَقْمِياءَ (٢)، فأتَتْه وُفودُ العربِ، فخيَّرهم بينَ خُطَّةٍ مُخْزِيَةٍ، أو حربٍ مُجْلِيَةٍ، فاخْتارُوا الخُطَّةَ المُخْزيةَ، وكانت أهْونَ عليهم؛ أن يَشْهَدوا (٣) أن قَتْلاهم في النارِ، وأن قَتْلى المؤمنين في الجنةِ، وأن ما أصابوا مِن المسلمين مِن مالٍ رَدُّوه عليهم، وما أصاب المسلمون لهم مِن مالٍ فهو لهم حَلالٌ (٤).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حَجَّاجُ، عن ابن جُرَيْجٍ قولَه:


(١) في م: "وزادوها".
(٢) أقمياء: أذلَّاء، وقميء تجمع قماء، وقُماء، أما "أقمياء" فلعله جُمع قياسًا على ذليل أذلاء، وصديق أصدقاء. ينظر اللسان (ق م أ).
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يستعدوا"، وفى م: "يعتدوا". والمثبت من سنن البيهقى وتاريخ دمشق.
(٤) أخرجه البيهقى ٨/ ١٧٧، ١٧٨ من طريق سعيد بن أبي عروبة به، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه ٣٠/ ٣١٩ من طريق عيسى بن عبد الله التميمي عن قتادة بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.